بقلم الأستاذة لطيفة الغراس
الكاتب: الأستاذ حسن إمامي،أستاذ بالتعليم الثانوي،شاعر وروائي من المغرب.
إصداراته: قرية ابن السيد/ مدائن ليلات/ صرخة المصابيح/ شجرات وخرائط/ أقفاص/ بحيرة العشق اللازوردي.
أحيانا تشدني بعض الصفحات من رواية ما،بعد قراءتها كاملة، فأكتب بعض الانطباعات،فلست ناقدة متخصصة أكاديميا،ولكن قارئة برؤية انطباعية غير مذعنة للنظريات والمصطلحات النقدية.
تجنبت الاعتماد على آراء من يمثل تلك النظريات المختلفة فما يهمني هو ربط القراءة بالإحساس الذي ينتقل إلي والتعبير عنه،ولذلك بهذا التأثر أكتب بعيدا عن المفكرين الكبار مثل كولدمان وكلود ليفي وفوكو ولاكان ولوكاش…الخ
فأنا غير متخصصة في المجال.
إني أحس وأنفعل وأترجم رؤيتي لما قرأته.
وقد قرأت رواية بحيرة العشق اللازوردي وأنقل اليكم ما كتبته.
أثارني في بداية الرواية توظيف الكاتب للفظة الكابوس،حيث استقت من اللغة تشبيها يضعنا في صمت قهري مظلم،ليفجر منه واقعا بطبول صاخبة،وكأنه يهدم الصمت لينير عتمة النفس ويكشف دواخلها.
استعمل مبضع الحلم ليخترق الماضي ويبحث عن ظلال من النور،داخل تلك القلعة الموحشة،ليحاكم الذات في شخوص روايته وعبر الأنثى داخل منظومة مجتمعية،هو جزء منها.
إن استعماله للفظ كابوس جعلني أعتبره هو المفتاح الذي يشي بالقلق والخوف في حلم كبير وواقع مرير.(أخطر وعي هو هذا الذي يجعلك متفرجا….)
وفي وصفه للأنثى المستلقية على سرير في غرفة مغلقة،هو في حد ذاته يعكس حالة الاستسلام،وتعقب الكاتب كل ملامح الانتصار القسري الذكوري في مجتمع بائس.
كان التذكر لديه من العناصر الأساسية في هذه المعركة النفسية عند المثقف.
وقد وظف النور الذي لا يدخل إلا من نافذة مغلقة( على هذا السرير مدت يدها اليمنى إلى جهة النافذة القريبة،أمسكت بحدس المقام وألفة المكان،بالشريط المتحكم في فتح ستار النافذة الخشبي علويا في التفاف يرحب بالبصر في حفل مسرحي على خشبة أبواب السماء..)
هذا الحبل هو أمل العتق في الواقع الساجن،الذي لم يترك للحرية إلا هدا المنفذ الوحيد..
هذا واقع لا نهتم بمحاكمته واختراقه ونقف على عتبة الصمت..
تتداخل الشخوص المؤثرة والمتأثرة ضمن علاقات اجتماعية تعاني ازدواج الشخصية في تناقض صارخ بين الأقوال وأنواع الخطاب، وبين الأفعال وإصدار الأحكام في الممارسة الثقافية.
ولذلك اعتمد على الحوار بين الذات المثقفة وإشكالية التعامل معها داخل هذه المنظومة.
وعندما توقفت عند لفظ الجوع ولفظ الغنيمة أحسست أنه يحيلنا على الجوع كدلالة رمزية تحتضن معاني متعددة،الحرمان،الحرية،التطهير…الخ
فتح الكاتب أبواب التاريخ عبر لفظ الغنيمة كتعبير عن حالات الانتهازية والاستغلال،كما أشار إلى المنع والتخويف والترهيب وعلاقته بالغنيمة وفي ذلك إدانة لأطراف متعددة.
كان الكاتب يقحم أحيانا أقوال بعض المفكرين،وكأنه يؤكد دوره كأستاذ،إلا أن هذا لم يخدم جمالية السرد.
وعندما تم إغلاق النافذة،لم يكن الفعل من مؤشرات التطهير النفسي ولكن فقط للانتقال إلى مرحلة أخرى.
الكاتب كان يتدخل بالشرح أحيانا وهذا لا يترك للقارئ فرصة التأويل ويحيلنا على شخصية الأستاذ.
وجدت في وصفه لطقوس الحمام الأنثوي بالمغرب،وصفا لا أظنه من الذاكرة الطفولية،بل من حكي أنثى،وقد تحدى أحيانا في سرده،المتعارف عليه في المجتمع المغربي المحافظ بلغة جد فاحشة وأعتقد أن تسمية الأشياء بمسمياتها هو الرفض للأقنعة السائدة !
الأستاذ يحلل ويسجل ويبعث الرسائل ليدين الواقع.
ومن هناأجدني أعود للعنوان وأنا لم أبدأ به كعتبة في عرف النقاد،لأنني وجدت فيه خاتمة ،عبر احتفاء الكاتب باللون اللازورد الذي يعكس الجمال والجلال والسمو إنه اللون الذي يخفف الحالة الوجدانية ويبشر بالأمل.
في سرد الكاتب ووصفه وجدته يعشق العشق لذاته لما فيه من إنسانية وقد وظف التشبيه وجعله يتداخل مع الرمز ليحيلنا على مواضيع الوهم والقدر الوجودي،ثم يفتح القوس حول الحب والخلود،وسرعان ما ينتقل للمرجعية التاريخية وليحاكم القضايا الكبرى الدموية..!
الحسين كواقع كتاريخ مدان والحسين كواقع حالي،ونجد هنا تأثير مدينة الفاتح وهي مسقط رأسه.
الحصار النفسي وجدرانه غير المرئية جعله يبحث عن اللون اللازوردي ليخفف من هذه الحالة الوجدانية القلقة،وقد استعبدت الأنثى وقد خص الثوب بالسواد كدلالة القتامة والإرهاب التي شكل هذه القلعة السجن،وخارجها كل ألوان الجمال في الطبيعة كما خلقها الله وأصواتها المنطلقة بكل حرية. حتى الروح تبدو لازوردية في شرفة من خلالها يبحث عن الانعتاق والتمتع بالجمال.
وأحيانا كنت أسائل نفسي عند قراءة بعض الفقرات، هل بعض نتف من سيرة ذاتية طفت على السطح في كتابة الروائي حسن إمامي.!!!!!