د. الكاتبة خديجة أميتي/فرنسا
قبل البدء، أود أن أشكر صديقاتي و أصدقائي الذين حرروا حرفي بتفاعلهم الجميل,
شكرا أحبائي لأنكم جعلتم سوادي يقبل بياض فضائكم عن بعد، رافعا شعارا لا للمس، معتمدا السلام على الطريقة الصينية بتلقي الأكف,
شكرا للطيفة و عادل و سعيد و ثريا و فاطمة و فتحية و رقية واللائحة طويلة، و لكل من قال بالكلمة أو بالرمز “لا تتوقفي”, لجميعكم أقول بلغة إخواننا المصريين “مكملين”، و يبقى يومنا مفتوح على أمل غد تندثر فيه البقع الحمراء من خرائط العالم، و نحضن بعضنا البعض بدون حواجز.
المعادلة الصعبة
وصلتني الأمس رسالة تقاسمتها مع مجموعة من الصديقات والأصدقاء تحمل صورة لطبيب بوزرة بيضاء و قناع، وهو يحمل ورقة بيدين وراء قفازين، دليل تواجده في مقر عمله بالمستشفى، كتب عليها باللغة الفرنسية
« Je suis resté au travail pour VOUS
s’il vous plait, restez à la maison pour Nous»
“أنا في العمل من أجلكم، رجاء ابقوا في البيت من أجلنا”
معادلة صعبة تستعصي حتى على منظري الرياضيات, وقد تجد بعض صداها لدى الفلاسفة المثاليين المنظرين لفلسفة الواجب و الأخلاق.
معادلة لن تقدم شرحا لها إلا المبيانات و الجداول التي تتصاعد بألوان الموت, و تلك الرقع الحمراء التي تغزو العالم في تحد لألوان الربيع الذي نسيناه !
معادلة لم يفهمها إلا الصينيون الذين سخرنا منهم و نحن نشاهد على شاشاتنا التي كانت تظهرهم لنا و هم يتساقطون كأوراق الخريف لتبخس صورة الإنسان الصيني عبر العالم, دون أن يساورنا الشك أن وراءها لعبة سياسية أكبر منا.
معادلة لن يحلها إلا علماءهم الذين يجولون العالم بكل إيثار و تسامح لمساعدة من هم في حاجة إلى المساعدة العلمية والإنسانية,
أما عن المنتمين إلى مجتمعات تربت على “الأنا وبعدي الطوفان” فلم يدركوا بعد أن التفكير في “الآخر” حماية لهذه الأنا التي تأبى إلا أن تستعص على الانضباط لقوانين لعبة الإنزواء الجادة التي نؤدي ثمن الاستخفاف بها و إفسادها بفوضى أفكارنا الملوثة.
أما محترفو النميمة في بلدان الفراغ و الجهل الذين يعانون اليوم مرارة عطالة مطولة خلف الجدران بدون أجر، فهؤلاء لا حديث عنهم لأن مرضهم سيحولونه إلى هواتفهم النقالة، لينفتوا عبرها سمومهم. المهم أن تلفهم جدران بيوتهم و نرتاحوا من تجمعاتهم في كل زوايا المدينة, و التي لم تكن حتى المساجد تخلوا منهم, الله على راحة !!!
لنستمع إلى هذا الطبيب،ولنساهم في حل المعادلة و نبق في بيوتنا رحمة بمن يواجهون أعطاب أنانيتنا في كل لحظة !
انحناءة إجلال و تقدير لهم و لكل من يسهر لننام، و ينظف لنمشي على أرض نظيفة، و ينتج لنبق أقوياء، و للذين يقفون على و بين الأسلاك لنتواصل و نتسلى و لكل جنود الظل الذين يعرضون أنفسهم للخطر لنستمر في الحياة