بقلم نسيمة الهادي اللجمي /صفاقس ..تونس
مما لا شك فيه أننا كلنا نحتاج إلى شيء من النرجسية وهي حب الإنسان لذاته هذه النرجسية المعتدلة التي تجعله يعرف حق قدره ويدرك قيمته الحقيقية فيتواصل التواصل الصحيح مع الآخرين ..هذه النرجسية الطبيعية التي تحميه من الغبن ومن التواضع الذي إذا زاد عن حده استغله الطرف المقابل استغلالا سيئا فهي إذا نرجسية ضرورية لتوازن الشخصية وحمايتها .
وتوجد نرجسية من نوع آخر ألا وهي نرجسية مرضية ويسمى المصاب بها : المنحرف النرجسي
وسأحاول أن ألخص صفات وسلوكات المنحرف النرجسي الذي يعمد إلى الإخلال بتوازن الشريك وتدمير حياته وهو بذلك يكتسب الشعور بالرضاء لمّا يرى الشريك تعيسا بل هو يشعر بالسعادة القصوى و أما هذا الشريك فهو ليس دائما أحد الزوجين بل قد يكون شريكا في العمل أو الجوار و قد يكون الأب أو الأم أو الابن أوالحماة وكل من اضطرتهم الحياة على اقتسامها يوميا غير أن الانحراف النرجسي يوجد بين الأزواج بصفة أكبر لطبيعة العلاقة بينهما .
المنحرف النرجسي هو إنسان ليس بالحساس ولا هو بالرومانسي .. إنه إنسان يحمل عن نفسه صورة سيئة قد تكون بسبب مخلفات مشاكل عانى منها في طفولته خلفت له عقدا نفسية .
ولكي يصمد في الحياة يعمد المنحرف النرجسي إلى تحطيم الشريك ليتسلق أنقاضه ويقول : ” ها أنا ذا إنني الأفضل وإنني بخير ” …وهو فعلا يحقق لنفسه السعادة بما يفعله فسعادته تتحقق لما ينجح في جعل الشريك تعيسا .
المنحرف النرجسي ليس شخصا ذكيا أو جذابا أو ذا مكانة مرموقة إنه شخص يستعمل تقنيات الشر والتحيل للسيطرة على الآخر كأن يسعى إلى تحسيس الآخر بالذنب و إنه ينجح في إقناعه بأنه المسؤول عن كل المشاكل التي تحدث وتخلف أضرارا وبأنه أيضا المسؤول عن تحطيم العلاقة بينهما كما يقنعه بأنه السبب في كل ما يحدث من مصائب في البيت أو في المقر الذي يجمعهما .
المنحرف النرجسي يصطاد ضحيته من بين المتميزين اجتماعيا المثاليين المثقفين ثقافة عالية ومن أصحاب القيم والمبادئ والذين يمتازون بالذكاء والأدب وذوي المواهب الراقية .
المنحرف النرجسي يعمل جادا على انتقاد الشريك الانتقاد المتواصل و تحسيسه بالدونية والتقصير ويداوم على الاستخفاف بمواهبه وميزاته ويتعمد إهانته بسبب وبغير سبب يفعل هذا لهدف التفوق عليه.
المنحرف النرجسي يكذب ويستبز ضحيته عاطفيا ويهدد ضحيته باستمرار تهديدا صريحا تارة ومبطنا تارة أخرى لكي يزرع الخوف في نفسه والشعور بعدم الأمان .
المنحرف النرجسي يقيد حرية الشريك ويشعره بأنه في حاجة إليه دائمة إذ أنه يفقده إرادته ويضعف شخصيته فيصير الضحية بلا موقف وبدون قرار لا يمكنه أن يستغني
عن جلاده مهما فعل به ..أما إذا انتفض الشريك وحاول التمرد فإن المنحرف النرجسي سرعان ما ينقلب إلى حنون ومحب فيتقرب بالهدايا والمديح والكلام المنمق حتى يحكم عليه السيطرة من جديد وبالتالي يستعيد مكانته و يحافظ على مصالحه ويعود لاضطهاد ضحيته .
و يصعب جدا على ضحية المنحرف النرجسي الإفلات منه لأن المنحرف النرجسي يمتلك قدرة كبرى على قلب الأوضاع فهو إذا أحس أن الشريك بدأ يتململ لا يلجأ إلى العنف بل يلجأ إلى لعب دور المحب المظلوم وقد يبكي ويهدد بالانتحار إذا أراد الشريك الفراق ويواصل خطته هذه إلى أن يستعيد السيطرة من جديد على ضحيته…
يتميز المنحرف النرجسي بتزييف الحقائق والكذب فيقول الشيء وعكسه و يغير رأيه بسرعة مذهلة لأنه يعمد إلى الضبابية في التعبير الأمر الذي يساعده على التقلب بسهولة كما أنه يسعى إلى التسلط والفرض ولا يسعى إلى التواصل …
إن المنحرف النرجسي هو عنكبوت يلتف على ضحيته ويصعب على هذ الأخير التخلص منه… إنه يجعل ضحيته مشلولة تماما بدون رأي بدون قرار بدون شخصية بدون استقلال ذاتي .
المنحرف النرجسي يمثل خطرا كبيرا على حياة الشريك ولا يوجد حل معه إلا الفراق بسرعة…وقد اتفق على هذا الطب النفسي وعلم الاجتماع .