محمّد الزّواري ـ صفاقس / تونس
لمّا جاءتنا كورونا
لم تطرق أبواب الدّار
لم تضغط في جرس البابِ
و لم تطلق أدنى إنذار
دون استئذان قد دخلت
في اليمنى باقة أحزان
في اليسرى حملت سلّتها
كي تقطف في سور حديقتنا
بعض الأزهار
***
لمّا جاءتنا كورونا
لم تعلم أنّ الوقت يمرّ ثقيلا
أنّ بقايا العمر ستبدو
أجمل من ماضيه قليلا
أنّ بكلّ فؤاد سرّا
لا يشبه كلّ الأسرار
***
لمّا جاءتنا كورونا
لم تعلم أنّ بخاطرنا
أشعارا لم تكتب بعد
ألحانا لم تعزف بعد
لم تعلم أنّ سنابلنا
تنمو في أفنان الشّجرِ
و تنمو في بتلات الورد
لم تعلم أنّ بمنزلنا
من لا يحسن كيف يفرّق
وا أسفا
ما بين الهزل و بين الجدّ
***
لمّا جاءتنا كورونا
أصبحنا ندرك
كيف الماضي كان الأجمل
رغم عواصف قد نحياها
رغم ركود مياه الجدول
رغم عتاب قد نسمعه
رغم نشاز صداح البلبل
كيف إذن نسجن روحا
في الجسم و في حجرة منزل
كيف سنقلع عن فنٍّ
كيف سنقلع عن أفراح الحاضرِ
عن أفراح المستقبل
و كيف سأقنع حين أقابل فاتنتي
أنّ القبلة سيف يقتل
***
كورونا
أ قطفت زهور حديقتنا
دون استئذان
أ ملأت السّلّة أزهارا
و مسحت جمال البستان
فليرحل طيفك فليرحل
فرحيلك دوما
يبقى الحلّ و يبقى الأجمل
و دعي الأطيار تؤلّف لحنا
و تغنّي بين الأشجار
ما دمنا نعشق زهر حديقتنا
ما دمنا نعشق أيّار
ADVERTISEMENT