أ.سعاد الفقي بوصرصار/ تونس
انتصبت هيئة المحكمة وحضر المتقاضون وهم مدعو التضرّر من تفشي فيروس الكورونا الذي عطّل مشاريعهم وكبدهم خسائر فادحة قضت على الكثير منهم وهم الاقتصاد العالمي ممثّلا في الصناعة والسياحة والملاحة. وحضر الجلسة جمهور غفيرمن الشعب. وحضرت كورونا في حالة إيقاف في قفص الاتهام فكانت ملتصقة بأحد القضبان الحديديّة وقد اصطف محاموها وراءها محافظين على مسافة متر منها وقد وضعوا على أنوفهم وأفواههم الكمامات.
كما حضرت الأرض بوصفها المدّعي العمومي أي نائب الحق العام.
صاح الحاجب: محكمة
ونودي على القضية كوفيد19
بدأ القاضي رئيس الجلسة يعرض أحداث القضية:
ـــ آنسة كورونا أنت متّهمة بإحداث زلزال رهيب في العالم فقد هدّمت ما بنته الرأسمالية في عديد السنين وقضيت على مصالح الشركات الكبرى وتسبّبتِ لها في خسائر فادحة. حيث أنّك اضطررتِ الناس الى لزوم بيوتهم خوف الموت فخمدتْ الآلات في المصانع وشُلّت الحركة في البرّ والجوّ والبحر. حبستِ الناس وقطعتِ أرزاقهم ونشرتِ الخوف والذعر…
ثمّ نودي على المدّعي الأوّل:
ـــ السيّدة صناعة نستمع الى أقوالك.
ـــ شكرا سيّدي القاضي.
لا يخفى على أحد أنّني ركيزة الاقتصاد وعموده الفقريّ فأنا المعامل والمصانع والشركات الكبرى أوفّر الآلات التي لم يعد أحد يستغني عنها من الابرة الى الغواصة أوفّر الطعام واللباس. أبني الطرقات والقناطر والسدود وأضمن التنقّل والترحال. أشغّل اليد العاملة وأصنّع السلاح والدواء. أنا العصب النابض للاقتصاد. سيّدي الرئيس، قصمتْ الكورونا ظهري… أغلقت مؤسساتي فخمدت آلاتي وأنا أتكبّد خسائر كبيرة تُعدّ بالتريليونات. المؤسسات الصغرى والمتوسطة مهدّدة بالإغلاق والضّياع. وتخيلوا ما سينجرّ عن ذلك من بيوت تُهدم وعائلات تُشرّد بسبب البطالة.
ـــ شكرا سيّدة صناعة نستمع الآن الى لسان الدفاع عن الكورونا.
تقدّم أحد المحامين نزع كمامته وقال:
ـــ سيدي الرئيس حضرات المستشارين لن أُبرئ مُنوّبتي من كلّ التّهم ولكن دعونا نبحث عن الأسباب ونوجد الأعذار. هذه الأزمة التي أحدثتها منوّبتي لها ما يبرّرها من الدوافع ولها نتائج إيجابية على الكون فهي حتما ستعطي نفسا جديدا للإنسانية التي طغت عليها المادّة.
صحيح إنّ الصناعة حسّنت الحياة ويسّرتها وأوجدت أسباب الرفاهية والتنعّم بالحياة ومباهجها لكنّها في المقابل استعبدت البشر وأذلّتهم وأماتت الرّوح فيهم. أصبح الناس يتكالبون على الاستهلاك بسبب ما وفّرت من البضاعة. وليتها توزّعت على البشر بالعدل. فقد كثر المتخمون بأمراضهم ومات العديد من الفقر بسبب الجوع وانعدام الرحمة والتغوّل. سيدتي الصناعة لو خصصت جزء صغيرا من الأرباح لمساعدة الفقراء الذين نهبتِ معادنهم لأنقذتهم من الأمراض التي فتكت بهم والمجاعة التي قتلتهم. لو خصّصت لهم نسبة صغيرة مما أنفقتِ على محاربة منوّبتي الكورونا لكان العالم اليوم أفضل. لوُجد الطعام لكل فم. لو خفّضت من صنع الأسلحة والآلات الحربية لحفظت عائلات كثيرة من التشرّد والبؤس ومدنا من الهدم وتراثا من التّلاشي. لكنّك سكتِّ على ما في العالم من ظلم وفساد واستغلال فتاجرتِ بقضايا الفقراء والمحرومين واحتكرتِ الأسواق وتحكمت فيها…هذه بعض الدوافع التي دفعتْ منوّبتي الى الظهور عسى أن تراجعي نفسك ولا تحيدي عن مهمّتك الأساسية وهي إسعاد الانسان…
شكرا سيدي الرئيس
بعد الاستماع الى كلمة لسان الدفاع رفعت الجلسة…
يتبع…