بقلم صفية أكطاي
هذه أشعة شمس ما زال قرصها يُطلّ وراء غيمة في استحياء كما ليلى العامرية تجمع حطبا لوالدتها لطبخ حساء المساء من فلاة شاسعة بها بضعة أعشاب عرفت أسمائها خلال عطل الصيف الطويلة. في ذلك الزمان البعيد حيث كان السفر ممكنا الى البادية لمدة طويلة …ثلاثة أشهر في العام… كانت بثينة تتوقف بين الفينة والأخرى لفحص أعشاب عرفت أسمائها باللاتينية من شقيقتها الصغرى وفاء المتخصصة في علوم البيئة… هي تتذكر فقط التسميات العادية التي حفظتها عن الجدة : الكارسة (بتعجيم الكاف) ،الشيح ،الرمت،مولبينة ،والمروت،الحرمل ثم الأقحوان وله زهور تلعب بها الفتيات لعبة الحظ.قطفت بثينة زهرة منها وشرعت تُزيل ورقها ورقةً ورقةً وتتوقف لتسألها :(أحبها لا أحبها..)
كانت آ خر ورقة، كرهتها بثينة تطابق “لاأحبها”رمت بُثينة عود برعم الزهرة وصاحت ملء فِيهَا في الخلاء: بل أحبها ..كيف لا أحبّها ؟؟!
وفجأة شعرت بذراعين يُطوقان جسدها.. ويضمَّانها برمته إليه برفق.. انتابها أوّل الأمر هلعٌ…فصاحت: “النجدة ”
كادت تسقط على الارض، وظَلّتْ يدٌ تَمسح شعرها…حدّقَتْ فيه إنّه هو بعينه :جَميل ..كيف حصل؟
ضمها الي صدره ثانيّة، هتفتْ به:
-جميل مهلا..ماذا عن العشيرة؟ وعن أبي والمهر.. ألف.. ألف ناقة؟. وعن همْسِ الأهل ونظرات و ألسنةِ العُذّال
أجابها بهدوء :
-مهلا بثينة..أنت خارج التغطية ..بعيدا جدا عن ديار العم…..وأنت معي يا بثينة هنا وستظلين هنا
وتابع قائلا:
-انظري …
صوّبت بثينة نظرها نحو صدره ولَمحَت قلبا كبيرا بلا حدود جغرافية تتوسطه بحيرة هادئة …تَعلوها سماء بلون بهي…تمتزج في عُمقهما كل الالوان…كما عينيه..و في أفق بعيد شعاع الأمل….في شيء اسمه بهاءُ الحياة ،لخالق عظيم اسمه الله سبحانه،جميل ويحب الجمال في كل شيء. لا يُعاقب على الاحساس بالجَمال يسري في أعماق الانسان ..يَخلقه من جديد .
قال جميل بصوت رخيم :
-مهرك بثينة ..أحبك كما أنتِ