الكاتبة: ليلى الورفلي / تونس
كانت الساعة تشير الى السادسة صباحا،و كان العم سالم يتقلب يمنة و يسرة فوق فراشه البسيط المتواضع. لم يغمض له جفن طوال ليلة البارحة.لقد قضى ليلته يفكر و يفكر. لقد كان ليلا طويلا. ليلا يحمل في طياته صرخات كل الفقراء المدقعين و آهات اليتامى المحتاجين . كل هذه الأوجاع اجتمعت في عقل عم سالم في تلك الليلة الموحشة. لقد وجد نفسه بين ليلة و ضحاها دون مورد رزق.كان العم سالم بائعا متجولا. يبدأ يومه مع الفجر ممنيا نفسه بإسكات دموع أبناءه المحتاجين و زوجته المريضة التي لا تقوى على الحركة،ليعود أدراجه في أواخر المساء مبتهجا مسرورا لأنه حقق أحلامه .كانت أقصى أحلامه تلك “الورقة بو عشرين”،يمسك بها و كأنه أمسك كنوز الدنيا.
ولكن!!!!””!مع انتشار وباء الكورونا ضاعت أحلام العم سالم و ضاعت معها عائلة بأكملها.ليلتها لم ينم.و كيف له أن ينام و أطفاله يتضورون جوعا.كان أقصى طموحه في تلك الليلة قطعة خبز و كأس حليب ساخن يدفئء ليلته الباردة. انهمرت عبراته من مقلتيه شاكيا قلة ذات يده:”يا الله!!!كورونا و الفقر؟؟؟ أنا عبدك الفقير أشكو قلة حيلتي فمن لي سواك؟”
و مع بزوغ شمس النهار توجه إلى مكتب الإحاطة الإجتماعية و هناك أعلموه أنهم سيمكنونه من إعانة مالية و أنه يتوجب عليه أن يسحب حوالته من مكتب البريد.
كان الناس بالمئات يتدافعون و كأنهم يساقون إلى أبواب الجنة.و بالفعل فمبلغ 200 دينار هو بمثابة الجنة بالنسبة لهؤلاء الجياع المحرومين. و غير بعيد عن هؤلاء كان بعض الناس يصرخون:”ابتعدوا عن بعضكم البعض. إنكم ستموتون.لا تنسوا الكورونا؟”
نظر إليهم عم سالم باستهزاء و قال:”و من قال أننا على قيد الحياة نحن الفقراء.نحن سنموت في كل الحالات.”
ثم واصل التداحم وسط الجمع الغفير ممنيا نفسه بشراء الحليب و الخبز.
فلتذهب كورونا إلى الجحيم.