بقلم آيات عبد المنعم/القاهرة مصر
في كلِّ مرَّةٍ الورق الأبيض يُثبتْ بِجَدارة أنَّهُ الصَّديقُ الصَّدوق يمنحُ لنا شيئًا من ريحِ الجنَّة نستذكرُ من خلالهِ ميراثَ الكلمات عند أبونا “آدم عليه السّلام”، ونمارسُ شيئًا من إنسانيّتِنا المَسلوبة علىٰ قِشْرة الأرضِ الهشّة.
نَستدعيه وَقْتَما نشاء حينَ تغفو عيون الأحبّة عنّا أو عندما ترحل الأمّهاتُ قسرًا تحت وطْأة الموتِ، هو لا يملُّ ولا يكلُّ يفتح صدرهُ الأبيض وسادة لشبقِ أحلامنا.
نبني وطنًا عليه كما نُريد، ونَبيد ممالك، نصلُ حدودًا، ونوقف حرب داحس والغَبراء، ونمزّقُ كلّ جوازات السَّفر، تلمعُ العَّودة إلى القدس في عيوننا ليعود لنا شيئاً من الإتّزان والقرار الحُرّ بما نريد ولا نُريد.
أشْهَدُ يا ورقي الأبيض أنَّ جراحي بِكَ أزهرت، وأنَّك لم تخذلني يومًا كنتَ دوائي الحلو، ونعمةُ ربِّي الخفيّة والظَّاهرة بِكَ أنظِمُ وقعَ دقّاتِ القلب، أقرأ ذاتي بشكلٍ منظّم، وأعرفُ كيف غمّازتي بِكَ تَزهو، يقولون أنَّ العاشقين يأخذون من بعضهم البعض بفعل العِشْرة، وأنا حينَ أحببتُك أخذتُ شيئًا أصيلًا منكَ لقد غيّرتَ معالمي الأنثويّة بتُّ أميل للصمتِ أهجرُ النقاشات الحدّيّة، وأؤمن بثورةِ الحروف حين تُقارع السُّطور، وتَغزو القلب قبل العين بسلام تمنح للعقل فرصة للقراءة والتفكير، كلُّ الثرثرة بداخلي غفتْ تحتَ جناحِ الكتابة، وباتت لروحي رجاء واحد أن يكون الورق الأبيض حبيبي الشَّرعي العلني ويغدو زواجنا كاثوليكيًّا لا طلاق فيه كي يحترمَ الآخرون حُرمة الحُبِّ لا ألقاهُ كشذراتٍ بين زوايا أيّامي، ومشاغلي الحياتيّة، ولا يخترق أحد خلوة الحبيبين.
إلهي إنْ منحتَ لي هذه النِّعمة فامنح لي بَصْمةً خالدِةً كي أستطيع أن أقول للعابرين لا تقرؤوا عيني الزائلة، واقرؤوا بؤبؤ حرفي..
القاهرة ١٧/ ١٢/ ٢٠١٩
روعة استاذة ايات في زمن الهرولة للتطبيع وبيع المقدسات من اشباه الرجال