بقلم: مليكة غبار
كان اللقاء حميميا بوجود أربع حاضرات وهن مينة لمغاري،صفية أكطاي، لطيفة حليم العلوي ثم مليكة غبار
وكان اللقاء غنيا بتنوع المقاربات من ضبط الدلالة اللغوية للعاشوراء والتأريخ لها وفق اختلاف المرجعيات ..
وكان اللقاء مفيدا باستعراض المظاهر المتناقضة لإحياء العاشوراء بين الحزن إلى الفرح وبين الماء والنار والضحك والنواح وبين الليل والنهار وبين طقوس الشعوذة وممارسة الشعائر الدينية وبين التمرد والخضوع…
وكان اللقاء ممتعا باستحضار ذكريات مرتبطة بالعاشوراء كما عاشتها كل واحدة من الحاضرات في الطفولة
افتتحت اللقاء الأستاذة لطيفة حليم العلوي بالترحيب بالحضور بلباس تقليدي مغربي وبين يديها دف ( طر بخراشو) كعنوان عن الاحتفاء بيوم ليس كالأيام، لا من حيث حرص المغاربة على تخليده رغم أنه لا يصنف من بين الأعياد الدينية ولا من الأعياد الوطنية ولا من حيث عدم إلمام الأغلبيةبأصوله السياسية ولا الدينية ولا الاجتماعية…
بعد الترحيب تناولت الكلمة الأستاذة صفية أكطاي بمداخلة تناولت خلالها الدلالة اللغوية لكلمة عاشوراء ( اليوم العاشر من شهر محرم في التقويم الهجري)كما أوضحت – وكما تدل على ذلك العديد على المراجع – ارتباط يوم عاشوراء من ناحية بنجاة النبي موسى عليه السلام من فرعون وجنده مما يبرر مظاهرالفرح والبهجة.. ومن ناحية ثانية تزامن العاشوراء مع مقتل الحسين ابن علي بكربلاء وهذا يبرر الحزن وجلد الذات في الكثير من الأحيان، بل وأضافت أن يوم عاشوراء ارتبط بنجاة نوح من الطوفان وكذلك إنقاد إبراهيم من النار (أنظر التقرير الموازي للأستاذة صفية حول تدخلها الخاص ضمن منشورات غرفة صديقات أجمل العمر)
بعد ذلك تناولت الأستاذة مينة لمغاري العاشوراء من خلال التنقيب في الذاكرة الذي جعلها تتأمل التداخل الملاحظ بين الدين والطقوس الاجتماعية التي قد تمتد جذورها إلى ما قبل الإسلام بكثير مثل صوم اليهود يوما كاملا (24 ساعة) إحياء لذكرى غرق فرعون ومن معه عند مطاردته لنبي الله موسى … ثم تناولت بعض العادات التي عايشتها في الطفولة معبرة عن أسفها لعدم الحفاظ عليها وتمريرها إلى أطفالها لتبقى وشما جميلا تستدعيه الأجيال كلما حلت الذكرى ، ومن ضمن تلك العادات الحرص على وضع مختلف الفواكه الجافة في صينية ثم وتوفير كل فرد من العائلة كومة “تيكوديين بالأمازيغية” وما يتبقى يوزع قسط منه على الجيران والمعارف ويحتفظ بالقسط الآخر للضيوف … كما تكلمت الأستاذة مينة عن عادة ظلت عالقة في ذهنها وهي أنه عند تمشيط الشعر كان يتم الاحتفاظ – يوما بعد يوم طيلة السنة- بما تبقى في المشط من الشعر(المشاكة) في قطعة من القماش لتتكون رزمة متكاملة يتم دفنها يوم عاشوراء تحت شجيرة وذلك تيمنا بالذكرى وحفاظا على استمرارطول شعر صاحبة الرزمة وجماله… ومن ضمن ما تذكرته الأستاذة مينة في مدينة الصويرة ، مشاهد تجمع شباب الحي (أبناء الشبانات مثلا) في وقت محدد محملين بالطعاريج والبنادر (الدفوف) ووفق إيقاع متناغم يتوجهون نحو ساحة كبيرة بالمدينة حيث يلتقون بشباب حي آخر (أبناء حي بني عنتر مثلا) في ساحة كبير بالمدينة حيث يتم رفع وتيرة العزف والغناء إلى أن يعلن عن انتهاء المشهد بتكسير الطعارج…
حكي الأستاذة مينة خلق نوعا من تداعي الذكريات وتكلمت الحاضرات في جو حميمي عن ذكريات ممتعة مطابقة في العمق لفكرة تقاسم الفواكه الجافة والكسكس بالقديد والكرداس مضاف إليه ذيل الخروف المجفف (الذي يحتفظ به من لحم خروف عيد الأضحى… وخروج الفتيات والشبان إلى الشوارع للعزف والغناء والشعالة والتغني بحرية النساء”هذا عايشور ماعلينا الحكام” حيث عبرت الأستاذة لطيفة على أن العاشوراء هو مناسبة لتحرر النساء وأن عيد المولد هو عيد للرجال…
كما تم الكلام عن المظاهر المتناقضة لإحياء يوم عاشوراء وذلك للتضارب بين الخلفيات السياسية والإيديولوجية التي يراد لها أن تتخذ طابعا دينيا وأن هذا الطابع الذي يزاوج بين الحزن والفرح عند أغلب الأسر المغربية يجد أصله في ::اختلاف أنواع الحكم التي توالت على المغرب والأندلس مثل الأمويين والأدارسة والمرابطين وما يتزامن ويتداخل مع ذلك من مذاهب والفرق العقدية من شيعة وسنيين..
هذا ولم يفت المجموعة أن أثارت الكتابات والمراجع التي تناولت العاشوراء بصفة خاصة في المغرب من بينها كتاب المعسول للشريف الرضي وعاشوراء عند المغاربة ومراجع أخرى