الأستاذ صابر بوزيد
إن تفعيل ثقافة الأمة ، يحتاج إلى ذهنية مرنة متصالحة مع ذاتها ، متحررة من المطلقات الجامدة التي طالما كانت محورا مهما تناثرت حوله بقايا المفاهيم المعصرنة الممزوجة بالتضليل ، والتي كانت تهدف إلى محاربة العقل البشري بتجريده من النزعة الانسانية التي يصنعها العلم وتؤثثها المعرفة ، ويسهر لأجلها الصادقون .
إن تفعيل ثقافة الأمة ، يحتاج إلى ممارسة جدية تتماشى مع متطلبات الواقع ، وتطلعات الفرد الذي أصبح فاقدا لحقيقته المفعمة بالجمال … الجمال هذا المصطلح الذي اختلف حوله الكثير وسال من أجله الكثير من الحبر . اختصره الدكتور الشاعر محد الأخضر سعداوي في فكرة أسست لتيار يؤمن بتهذيب الفرد عن طريق الذهاب إليه ، ووسيلته الكتاب والفن بكل أنواعه شعرا وموسيقى وفنون تشكيليه وغيرها ، هدفها الأسمى إعادة تفعيل الروح العذبة النابضة بالجمال لدى الفرد .
الفكرة كانت وليدة عقل أصيل متكئ على موروث تاريخي و معرفي معتق بحقيقة الذات البشرية ودورها في صناعة إنسان صلب متماسك يرسم للأمة ا مجادها ، يقول الدكتور محمد الأخضر سعداوي : أن انعدام الهياكل الثقافية في مدينة ( تقرت ) رغم وجود زخم ابداعي رهيب راقي يجمع هذه الطاقات وكذلك الرغبة الجامحة في الخروج بالفعل الثقافي الذي كان محصورا في نخبته ، والذهاب به إلى المجتمع عجل في ذلك ، وقد كانت وجهتهم محفوفة بالتحديات ، لكن اصرارهم كان أقوى ، وقد كانت محطتهم الأولى مقهى ـ الراحل بشير شيحاني
ـ يقول صاحب الفكرة : أنهم نظموا لقاء فنيا متنوعا في مقهى الراحل تكريما لروحه ، حيث اجتمع الرسام والمغني والعازف والشاعر والقصاص ، وقدم كل منهم
فقرة فنية خلال سهرة ربيعية جميلة ، في جو بهيج شهر أفريل 2016 م كللت بنجاح باهر ، حيث أنهم وجدوا اللامتوقع في مقاهي المدينة ، جل رواد المقهى والحاضرين يتمتعون بحس فني راق……..
وكبر الحلم وجاءت الأفكار متسلسلة ، حيث اهتدوا إلى فكرة أكثر فاعلية ، ألا وهي الكتاب .. بمعنى نقل الكتاب إلى المقاهي ووضعه في مكتبات خاصة به في جو احتفالي يفتح شهية الروح الفنية لدى المتلقي .
يقول الشاعر الأخضر سعداوي : اتصلنا بصاحب مقهى وطرحنا عليه الفكرة فرحب بها، فانتقلنا إلى المقهى وقدمنا فقرات فنية متنوعة
مع الاعلان عن الإطلاق الرسمي مشروع مكتبة ، في كل مقهى من مقاهي ( تقرت ) المدينة العتيقة التي تقع في الجنوب الجزائري الكبير ، وكل هذا بتمويل فردي حيث يتبرع المشاركون بالكتب التي تبقى لصالح القراء الذين يترددون على المقهى .
وأنا هنا أتحدث عن المقهى بمفهومه التقليدي الأصيل ، انتشر المشروع في المدينة وقد لقي استحسانا كبيرا في الوسط التقرتي ، بخطى ثابتة حيث بلغ عدد المكتبات المنقولة إلى المقاهي سبعة عبر كامل
تراب الولاية المنتدبة ببلدياتها ودوائرها ، ويؤكد الدكتور الشاعر الأخضر سعداوي أن فكرة المقهى الثقافي في تقرت تختلف تماما عن المقاهي الثقافية التي تنشط على المستوى الوطني ، لأنهم ينشطون خارج القاعات المغلقة ، وهدفهم هو تغطية كل مقاهي المدينة ، وجعلها فضاء لطلب العلم والمعرفة وتقريب الفنون والآداب من الفرد الجزائري الذي هو في حاجة ماسة إلى هذه المبادرات الطيبة المنبثقة من وعي اشخاص ارادو خيرا بالعباد وبالبلاد في الاخير لا يسعني الا قول من لم يشكر الناس لم يشكر الله
شكرا للفكرة البناءة .