بقلم الناقد أ. عبد الله علي الشبلي/المغرب
أشتهي وجع الحرف وهجا، ليرتقني على هواه، يعتصرني كلمة خليقة أبداع وتجل ، ويطمر أسمالي الهاربة من رتابة يومي الوضيع في نقيع عطره اللازوردي.
فاض الحرف فغاصت فيه روحي
فضيحه الصدق في هيامات الحرف لا تخفى، تُدرك فتُنال أُعطِية له وحده.
سمت الأرواح بعد أسقام الأدران ونقمتها الباغية، تجلت وتناغت فتناجت ..قطافها أثمرته جنان وله في حروف المجازات ، وبقاع الاستعارات الهاربة .
تراه يقبض عليها قبض طفل فطيم متلهف على حلواه المفضلة بعد بعاد طويل؟
ام أعاده حرف راقٍ قد راقَ له مغازلة ذائقته إلى القريض معتصرا ؟
أم أرجعه نبيذ غناء مفلترٍ ورغوة سكر على وريقات الغزل ؟
هو ذاك وبعض من هذا وكل ذاك قد يكون أو لا يكون.
ما أهَمني وما يهُمني أنه استعاد رشد حرفه، بعد أن هجرته مليا على حين غرة رعشة الشعر واهتزازات القريض.
طفق ينضج الضاد على مرجله الخاص، مرجل لا كالمراجل وإن كان فوق أثاف ثلاث، إنه نضيج يليق بتغنج العربية، تلك التي عشقها منذ زمن تمشي الهويني كما يمشي الوجي الوحل ، ينمق ثم يرَصّف ويوصّف، هذا الترصيف والتوصيف لا يضاهيه اشتهاء ولا يقاربه اشتباه ، هو خليص الشعر وذروة سنام التجلي، يصنعه من سويداء دواخله، يقتات على دمه العربي القاني خالصا غير مبستر ولا متختر.
هو هكذا لن يكون إلا مختلفا لن يقبل أبدا عودة تشاكل ،توازي، تداني، أو تماهي. لأنه متفرد مستمر لا متناه متميز لا متماه.
صدقا عندما يغدو الوله بالحرف متمكنا ، متغلغلا في دواخل الدواخل قبل أن يستنبت في رقاع أو قرطاس ، يفضحه الصدق، يكتسيه الرواء ريا وامتلاء ، نضارة غصن أخضر يغديه جدول عذب سلسبيل .
يستوي النص ترياق وجع، أو بلسم جراح، إمتاعا أو هروبا،ولعله يصير خلاصا من رتابة أدران اليومي ذاك الذي يقتلنا، هذا الذي ينمطنا على هواه قسراً وجبرا، لنهرب عبر الحرف فنعيد قهره كما قهرنا من قبل، أو نختفي وراء أكمة الكلمة المطواعة والخضاعة والخداعة أيضا انفلاتا وتلاشيا لنعيش طوباوية سكر، أو نحيا مثالية أخرى، يتشكل ظل الحرف زئبقيا لا احتواء له، لا سيطرة عليه، بل يسيطر هو عليك، يسيرك على هواه، فتنقاد لتقاد قبل أن تقود، إنما ذاك وحده لا غيره ما يجعل النص ينضج، لا شيء غيره يدله على اشتهاء تجاويف الضلوع مسكنا، ولا حرف نمطياً غير هذا ينتسبه إلى سويداء القلوب………