بقلم الكاتب ناصر ابوحيمد “الفينيق”
وصل الى منزله المطل على البحر و غروب الشمس وكان رفيقاه في انتظاره في السيارة، ما ان رأيا انوار سيارته حتى هرعا اليه بادياً عليهما الهلع. ابتسم و هو يعلم بأنهما ما زالا تحت وطأة الصدمة مماحدث في المطار في صباح اليوم.
في اللحظة ذاتها تذكر والديه فأحس بغضب عارم ، مع كل ما يكن لهما من حب وتقدير، لأنهما كانا السبب في مغادرة حبيبته وفراقه عنها الى الابد.
توجه مباشرة الى باب منزله دون ان يلتفت الى رفيقيه . كان قد اغلق جميع نوافذ المنزل عند مغادرته فجر اليوم بعد ان قرر عدم العودة.
استشعر لذة الاحساس بحريته فلن ياتي والداه ليمليا عليه ماذا يأكل او ماذا يشرب وكيف يجب ان يتنفس.
فتح باب المنزل، اضاء جميع مصابيح المنزل، فتح جميع النوافذ ثم توجه الى المخزن السفلي واحضر صندوقين خبأ فيهما أغراضه الشخصية عن أنظار والدته.
كان رفيقاه قد تبعاه و جلسا في غرفة الانتظار و هما ينظران في دهشة لما يفعل. اخرج ما في الصندوقين و بدأ ينفض عن محتواها الغبار ثم بدأ في ترتيب ما فيها بكل هدوء و روية. لقد كانت تلك اغراض حبيبته و صورها التي كان يعلقها في كل مكان في المنزل.
اعاد تعليق كل صورة في مكانها فامتلأ المنزل بصورها كما كان قبل الفراق، فقد كان لا يشعر بالراحة حتى يراها في كل مكان ينظر اليه و قد لايكفيه ذلك. ثم وضع في كل غرفة اغراضها الاخرى من تحف واواني مزخرفة تحمل لمساتها.
كان يريد ان يعيشها في كل شئ.
بعد ان اعاد كل شئ الى مكانه نظر الى رفيقيه وهو في طريقه الى المطبخ و قال:
“هل ترغبان في شرب القهوة ام الشاي؟”
نظر رفيقيه الى بعضهما البعض ثم التفتا اليه و طلب كل واحد كوباً من الشاي.
كانا يراقبانه وهو يتحرك دون ان يكترث حتى لوجودهما ، “كيف قضيت يومك؟” سأله احد رفيقيه. فاجاب باقتضاب: “لا بأس” ثم صمت.
“لقد تحملنا كثيرا من الضغط مما فعلته هذا الصباح مع والديك ولم يغادرا الا بعد اقناعهما باننا سنقوم بالاهتمام بك. والان نريدك ان تشرح لنا ما تنوي فعله”