بقلم الكاتبة خديجة ناصر/القنيطرة
المطر خيط من السماء..زخات زخات، لا فاصل بينها، إيقاع منتظم لا يكسره سوى صوت مرور بعض السيارات…صمت مطبق رغم الليل الذي لم ينتصف بعد. ..ها هي مرة أخرى تفتح نافذتها الصغيرة على غرفة الذكريات. ..يذكرها هذا المطر بأول درس قدمته أمام التلاميذ بإحدى المؤسسات الإعدادية بعاصمة البلاد. …كانت ساعتها ما زالت طالبة بالسنة الثانية بالمركز البيداغوجي الجهوي، شعبة العلوم الطبيعية. …صادف يوم أول حصة لها كأستاذة متدربة، يوم كان قد قرر فيه استاذ العلوم الجيولوجية القيام بخرجة جيولوجية إلى واد عكراش، للتعرف على موقع جيولوجي و ملاحظة تشكيلات الصخور الرسوبية و البحث عن مستحثات لتأريخ هذه الرواسب و التمكن من استنتاج طبيعة الوسط الذي تشكلت فيه. …ظروف الخرجة جعلتها تلبس حذاء رياضة و بنطلون من نوع جينز. … الإعدادية كانت بحي التقدم، قريبة من منطقة وادي عكراش و بعيدة عن مكان مسكنها. ..بما أن حصة الدرس كانت الحصة الأولى المسائية و كون الدرس التطبيقي مع استاذ الجيولوجيا استمر إلى غاية منتصف النهار، لم يكن بوسعها الرجوع إلى سكنها لتغيير ملابسها…اكتفت هي و صديقتها بتناول وجبة غذاء خفيفة في مطعم المتجر الكبير …طيلة وقت الغذاء لم ينقطع المطر عن النزول و بغزارة. …انتظرت لغاية آخر لحظة تفصلها عن الدرس الذي ستقدمه عسى أن يخف المطر. ..لا ابدا لم ينقطع، بل صار ينزل بغزارة أكثر…لم يكن بوسعها ، هي و صديقتها إلا قطع المسافة التي تفصل بين المتجر الكبير و الإعدادية جريا تحت وابل من الأمطار. ..شعرها و ملابسها و حذاءها الرياضي، الكل يقطر ماء… بعد أن حاولت عصر ما يمكن عصره و لبست وزرة بيضاء ، منحتها إياها الأستاذة المؤطرة ولجت قاعة الدرس وشرعت في تقديم اول درس لها…