بقلم الشاعر والناقد أ لطفي عبد الواحد/تونس
حين تطال عمليات الحرق بالنار الكتاب والمكتبة بما تحويه من كنوز المعرفة والابداع وحين يستهدف المخزون الفكري لأجيال من المفكرين والمبدعين بالاعتداء في وطن آمن ابناؤه بمنزلة الفكر والعلم والفنّ. وفي دولة الاستقلال التي حرصت منذ تاسيسها على إشاعة الفكر النيّر واجلّت العقل. ندرك ان الهدف الأساسي من إحراق الكتب والمكتبات هوإشاعة الجهل والفكر الظلامي في مجتمعنا التونسي وهو هدف المتطرّفين والسوقة من أصحاب السلوك المنحرف الذين بدأ عددهم يتزايد خاصة في السنوات التي تلت الانتفاضة التي شهدتها البلاد في جانفي 2011 ومع تنامي ظاهرة تهميش الثقافة والمثقفين من قبل وزارات الثقافة المتعاقبة وعدد هام من وسائل الإعلام التي تروج للرداءة والابتذال والسلوكات الهدامة.
بهذه المقدمة التي تبدو طويلة مهّدت لحديثي عن الحادثة الأخيرة المتمثلة في سرقة بيت الأستاذة المبدعةآمنة الرميلي وزوجها الاستاذ البشير الوسلاتي واحراق مكتبتهما بكل مااشتملت عليه هذه المكتبة من كتب ووثائق وأبحاث واذا تجاوزنا حادثة السرقة هذه والسرقات عموما بأنواعها ومااكثرها في بلادنا ماشاء الله فإن تعمد إحراق مكتبة تعد ثروة حقيقية لا يعرف قيمتها الكبرى إلا المثقفون والمفكرون والمبدعون يعتبر خطيئة كبرى وجريمة فضيعة لاتغتفر واعتداء صارخا على الفكر وحضارات الشعوب وان نشهد اليوم في تونس بعد الاعتداء في مراحل سابقةعلى قبور المبدعين والمفكرين والمباني التراثية إحراق مكتبة خاصة بباحثة ومبدعة فهذا دليل آخر على أننا دخلنا مراحل التدمير الشامل وان التدمير لم يعد يقتصر على الأمور المادية في حياة الإنسان بل أصبح يتجه اساسا إلى تدمير الفكر النيّر والابداع الحرّ وأصبح يؤسّس للجهل والانحطاط وولادة جيل متعصب لا يعرف لبناء المجتمع المحضر سبيلا.. وانطلاقا من هذه الحادثة المؤلمة حقا والمسيئة لكل مثقف ومفكر في بلادنا وللعالم المتحضّر والمسيئة أيضا لبلادنا تونس العظيمة مهد الحضارات فإنني أعلن تضامني مع الأستاذة آمنة الرميلي وزوجها ومساندتي لهما وادعو كل من يحترمون الكتاب والابداع بأنواعه إلى التنديد بهذه الجريمة النكراء واحمّل الحاكمين في تونس في جميع مواقعهم مسؤولية تتبع الجناة وإنزال أقصى درجات العقوبة الممكنة عليهم ليكونوا عبرة لمن يعتبر وادعو بالمناسبة مكونات المجتمع المدني إلى المزيد من بذل الجهد في خدمة وعي المواطنين ونشر ثقافة الفكر النير واعتبار هذه الثقافة سلاحا ناجعا في محاربة المعتدين من أعداء الفكر والحرية حاضرا ومستقبلا.