بقلم الكاتبة د. خديجة أميتي/باريس
كل يوم تستفزني دعوتك لفتح نافذتي و منها ذاكرتي و قلبي و قلمي، و ككل مرة، أطل منها وأفتحها بخجل. لا أغلقها و في نفس الآن لا أتركها مشرعة لأن يد المحبة التي تمتد إليها تتركها مواربة، و ككل مرة تنتظرين رسالتي عبر نافذتي بباريس.
ها أنا ذي اليوم أبعث إليك لنتقاسم بعضا من هواجس الكتابة عبر هذه الرسالة التي عنونتها ب”لذة القراءة ووجع الكتابة”:
لا أخفيك عزيزتي أن عشرات المشاهد اليومية تستوقفني في زمن الحجر، أكتب عنها في مخيلتي، ولكنها تستعصي عن الخروج و الإعلان عن نفسها, في كل مرة أسأل نفسي لماذا ينحبس التعبير عند عتبة التفكير و الخيال و لا يتمرد عليهما و يخرج, هل لأنني امرأة و النساء لايثقن في قدراتهن الإبداعية لأن هذا ما رسخوه فينا منذ زمن أن غطوا وجه إيزيس و حجبوا عنها الشمس، و أخفوا عنا أن المرأة صنعت بعضا من تاريخ الإنسانية؟
أم أن وجع الكتابة لا يقل عن وجع الولادة؟ كل ولادة لها وجعها و أن درجة ألمها تتطلب الكثير من الصبر و التحدي؟ تأملت كثيرا فنجان الكتابة، و أجرأ أن أقول لك أن للكتابة هيبتها، و أن دخولي إليها لا يختلف عن دخول المؤمن إلى مكان له قدسيته، و أن هيبة الكتابة عندي هي تلك الخطوات البطيئة التي تسير نحو المقدس, لن أخفيك أني أغبط من له أو لها جرأة اختراق المقدس و تكسير الأصنام.
وعدا مني أني لن أغلق النافذة لأنني شبنهاورية الهوى، و أني كما قال يوما، الحياة إرادة، وأعتبر الكتابة إرادة بحجم الحياة, أعدك يا سيدة الحرف الجميل أن أكسر أصنام المقدس و لا أتركها بعد اليوم تكبح الولادة، بل تجعل منها لذة تمتزج بلذة القراءة, و نحقق متعة النص بلغة بارت.
رسالتي عن تفاصيل الحياة الباريسية كما أعيشها تجدينها في صندوق رسائلك غدا, تطلعين عليها مع رشفات فنجان قهوتك الصباحية و معه باقة ورد من المحبة.
شكرا عزيزتي على استفزازك الجميل الذي فتح نوافذنا مخترقا المسافات، حاملا أحلامنا على أمواج بحر الأمل متحديا جدران الحجر و فيروس كورونا اللعين. غدا يوم جديد إن شاء الله. “