بقلم: الدكتور العيد بوده / الجزائر
لقد فقدت مدينة جانت بجنوب التاسيلي، أحد أهم رجالات التعليم القرآني والتربوي، لاسيما وأنه من الرعيل الأول الذي وضع اللبنة الأولى للمدرسة النظامية بعد الإستقلال بجانت .إنه الشيخ الطاهر بن محمد بن الحسن بوكراوة، المولود سنة 1911م بقصر الميهان من قبيلة (كيل تغورفيت)، أين نشأ وترعرع في عائلة ميسورة الحال، اهتمت بتعليمه وتحفيظه القرآن الكريم؛ حيث تعَلَّم مبادئ اللغة العربية، وقراءة القرآن الكريم ، على يد الشيخين مساهل المدني، والشيخ راقو، ثم درس الفقه والعلوم الشرعية، عند الشيخ سيدي محمد بن أحمد ، والشيخ أوسوك، والشيخ أحمد عريمة.
وبعد أن أتم تكوينه الديني مُنِحَت له إجازة تعليم القرآن والنحو والفقه والعلوم الشرعية، من طرف الشيخ سيدي محمد، في يوم الجمعة 28شعبان1382هـ الموافق لـ28 جانفي 1963م، وقد ساهم شيخنا غداة الاستقلال الوطني في تفعيل التعليم القرآني، فاشتغل معلما قرآنيا بالمدرسة القديمة بمدينة جانت، ناهيك عن اهتمامه بتوعية الناس وتنويرهم.
وقد أدرك الشيخ مدى حاجة إخوانه لخدماته التعليمية في ليبيا الشقيقة، فسافر في منتصف الستنيات إليها، واستقر بمنطقة(جوفاري) بالبركت التابعة إدارياً إلى شعبية غات،وعمل معلما القرآن ، ومؤذنا بمسجد البركت، وبعد حوالي ثلاث سنوات من التعليم والتنوير، قصد رحمه الله البقاع المقدسة حاجا سنة1968م، ليعود بعدها إلى إيليزي، التي استقر بها فترة من الزمان يُدَرِّسُ القرآن وعلوم الدين، ثم شدَّه الحنين إلى مسقط الرأس فعاد إلى جانت أين أسس في بيته مدرسة قرآنية مجانية، لتعليم النشء وتخريجهم تخريجا تربويا سليما مدة ربع قرن من زمن البذل العطاء (1968- 1993م)
كما أهتم الشيخ الطاهر بالطريقة القادرية ، التي أصبح من مريدها ، بعد أن تعلم بعض أورادها، وأذكارها عند المقدم إبَّا بوخة بن نصر، والشيخ الإمام أوقاسم البشير بن أَسَقَّمَار، الذي أصبح فيما بعد مُقَدَّمَاً للطريقة القادرية.
كما كان مهتما رحمه الله بتاريخ المنطقة، وتراثها.حيث كان يمتلك مكتبة غنية بالكتب الشرعية الدينية المختلفة. كما يُعَدُّ الشيخ من أعيان ووجهاء المنطقة؛ حيث كان يحضر جميع المناسبات الدينية، والتجمعات الإجتماعية والمحلية التي لايفوته فيها الوعظ والنصح والتوجيه. حتى أقعده العجز والمرض في بيته، ثم وافته المنية في مستشفي جانت بإفري يوم الجمعة02مارس2018 م على الساعة الحادية عشرة ليلا. عن عمر يناهز قرن وسبع سنوات
وقد تم توديعه في جنازة تليق بمكانته وعطاءاته، وكان ممن حضر جنازته السيد عبد الحي أسباغو مدير الشؤون الدينية والأوقاف لولاية إيليزي ، الذي ألقى كلمة تأبنية بالمناسبة، بمسجد عمر بن الخطاب بالميهان، مذكراً فيها بخصال الرجل وتفانيه في خدمة العلم ،والمعرفة ، وتعليم النشء والعمل التطوعي والتعليم القرآني في المنطقة.
رحمه الله وتقبله بقبول حسن ورفع درجته في المهديين، آمين آمين