آيات عبد المنعم/ مصر
لَـمْ تُـغرِ الكَّثـرةُ قَلبـي يـومًا منـذُ أنْ نضجتُ روحيًّا؛ صرتُ أقفُ مليًّا علىٰ إجماع الأُمّة أقرأُ ما أقرّتْ مرّتين وأفكّرُ بها في الثَّالثة، أتحفّظُ علىٰ ما تُنتجهُ الديمقراطيّة من استبدادٍ باسمِ الحُريّة، خاصّةً حينَ يحكمها المال السّياسيّ ويُهمّشُ العقل، وتُهضمُ حقوق الأقليّة بطغيان الأكثريّة؛ لذا أعدُّ للألف قبل أنْ أخطو نحو صندق الانتخابات، فلا أريدُ لِسُقراطَ أنْ يموتَ مَرَّتين!
أُشفِقُ علىٰ جُموع الأجسادِ المُتعبَة الغاضبة الّتي ترجو الخَلاص حينما تُهرول لانتخابِ لائحةٍ كاملةٍ ولا تفحصُ من فيها، وأهابُها حينَ تَنتَفِضُ وترفعُ شِعاراتٍ ثوريَّةٍ تحملُ منطقَ التَّعميم الأعمىٰ “كِلّن يعني كِلّن” تُحرقُ بِها الأخضر واليَابِس.
لا أطيقُ قهرَ الكلِّ لِتَفَرُّدِ الأَنـا وإنْ ارتدىٰ وهمَ الجَمال، فإنَّ أُنوثتي العاقلة استفاقتْ وأدركتْ أنَّ الموضة هيَ أنيابُ الرَّأسماليّة الشَّرسة عِندما تصبِـغُ العقلَ الجَمعي بلونٍ واحدٍ كلَّ عامٍ، وتسرقُ المُتبقِّي من جيوبِ البُسطاء.
إنِّي احترمُ سُنّةَ الكَون القائمة علىٰ مجموعاتٍ مُتَآلفة من خلالها تستطيعُ الكائنات الحيَّة القيام بوظائِفها في دورَةِ الحَياة.
أتقبَّلُ كُـلَّ كيانات وممالك الحيوانات والنَّباتات مِن أسرابِ الطُّيور والجَراد وأصنافِ الزُّهور، أقَدِّرُ قطيعَ الخِراف لأنَّهُ يمارس كمالهُ الوجودي في الطَّبيعة؛ يأكلُ العُشب ويسيرُ جماعةً كي لا يفترِسُهُ الذّئب، لكـنْ في عالمنا البشريّ المُعقّد تذوبُ هويّة القاتل والجلّاد في ملامحِ وجوهنا الهادئة يغدو التمييز بين الصالح والطالح بحاجة إلىٰ بصيرة ومعرفة، ففي الكَّثيـر من الأحيـان يكونُ القريبُ الفَاسد أو الصَّديقُ الجَاهل أشرسُ من العدو؛ لذا لابُدَّ أنْ يكون سؤال من هُـوَ القُبـطان الّذي سيقودُ السَّفينةَ حاضرًا بقوّةٍ، وهل هو أهـلٌ لذلك، كَيْ لا يكونَ الغَرق الوجهة والهَـلاكُ حينها يغدو نصيبُ الحمقىٰ، ومن ثُمَّ نَلعَنُ الأقدار.