بقلم الشاعر أسامة أسبر
كان مشتاقاً إلى نفسه
إلى أصواتٍ في داخله
يريد أن يُصغي إليها
أن يدوّنها، يروي بها قصةً
عن حياته، يقرأها لآخرين
ربما يصيخون السمع
أو يَشْردون مُصغين
إلى قصصٍ أخرى عن حياتهم
عن زواياها ودهاليزها المعتمة
تهمسها أصوات في داخلهم
يهربون منها، ذلك أنه
لا وقتَ لديهم كي يتوقفوا قليلاً
ويفهموا ما تقوله
فالطريق إلى الأمام طويلٌ
ولا يهمهم إلا تحريك أقدامهم
حتى ولو راوحت في أمكنتها.
وهو في هذا المزاج
في مدينةٍ على المحيط
صغيرةٍ لا يبينُ اسمُها على الخرائط
تشهد سماؤها ألعاباً نارية تُضيءُ فضاء البحر
وأرضها طقوس غناء ورقص على مسرح مرتجل
وفي مرآفئها سفن راسية تتلوى أضواؤها
دروباً في جسد الماء
فيما الحشود تُصفّق وتلتقطُ الصور
تخزن المشاهد بعدسات شرهة
كي تراها فيما بعد
غير واثقة إن كانت ستمتلك الوقت من أجل هذا.
وهو في هذا المزاج
سار على الشاطئ مبتعداً
نحو ركن صخري
وبعد أن جلس على مقعدٍ خشبيٍّ
استعادَ صوراً ووجوهاً
دروباً سلكها، وأصواتاً سمعها
مدناً عاش فيها وتركها دون ندم
وفيما كان ينتظر الأصوات
التي ستنقل كلمات قصته
محاولاً أن يصغي إلى نفسه
لم يسمع إلا صوت الريح
كما لو أنه يضع محارةً على أذنه.
ADVERTISEMENT