أ. عبد الرحيم بيضون
اتفق سي أحمد مع زوجته على استدعاء فقيه المسجد لوليمة بمناسبة إتمام ابنهما حفظ عشرين حزبا من القرآن الكريم. وأوصها أن تطهي الدجاجتين اللتين اشتراهما من سوق الاحد بهذه المناسبة السعيدة. ثم خرج الى المسجد لتحديد وقت مجيء الفقيه ولشراء الفاكهة.
واثناء طهي الزوجة، أخذت تنقب في كل مرة قطعة من الدجاج، لتجذ نفسها اكلت فخد الدجاجتين. وبعد صلاة العشاء دق الفقيه الباب، فأسرعت لفتحه وادخلته الى الصالة، قائلة:
مرحبا سي لفقيه، زارتنا بركة، بعد دقائق سيعود سي احمد من السويقة، وسأدعو الولد للجلوس معك. فدخل الفقيه، وجلس في ركن مريح، مستلقيا رجليه، مستعدا لتناول غداء دسما وفاكهة. وهو يتصفح كتاب” رياض الصالحين”.
وخوفا من انكشاف سرها، انتهزت فرصة غياب زوجها، ففكرت في حيلة. إذ أخذت تعنف ولدها كي يصرخ بأعلى صوته، فاستفسر الفقيه عن سبب صراخه، فقالت له:
يا سيدي، إن ابني مدلل أكثر من اللازم، وكل من أتى عندنا، يلح عليه أن يلحس أذنيه، والآن اتركه يلحس أذنيك، أرجوك سيدي قبل مجيء سي أحمد.
أجابها الفقيه بارتياب: هل سيلحسهما أم سيعضهما أم سينزعهما؟
ومن خلال تصرفاتها، تبين له أنها تخفي تفاهة، وتنظر إليه بجانب عينيها وإن كانت منحنية الراس، فانتهز الفرصة وجمع الوقفة وأسرع في الانسحاب قبل أن تلفق له جرما. والطفل ما زال يصرخ من شدة الألم.
فاصطدم بالزوج وهو خارج عاضا جلبابه بفيه، فسأل زوجته ما الخبر؟
قالت له وهي في حيرة مصطنعة: إن الفقيه أخذ الدجاجتين ووضعهما في قب جلبابه ولاذ بالفرار.
فشمر الزوج على قميصه ولحق به قائلا:
اعطيني ولو واحدة.
رد عليه الفقيه: إن أمسكتني فخذهما، وأطلق ساقيه للريح
وعاد الزوج بخفي حنين. ليجد زوجته تنتظره مرتبكة. وقد اخفت عنه الدجاجتين تحت الفرن لأكلها لوحدها، وكانت عرضة للجردان. وفي المساء، احست بوجع في بطنها، على إثره سيقت الى المستشفى بصحبة أمها واختها، وحين عاد الى المطبخ لإعداد لها ما تأكله، وجد نصف دجاجة داخل الفرن فوضعه في علبة بلاستيكية مع قليل من الفاكهة وقارورة ماء، وذهب مسرعا للحاق بها، واثناء وصوله أطلعه الطبيب على أنها أكلت سحتا ولا بد لها أن تقضي على القل يومين تحت المراقبة لتنظيف بطنها من السموم، ولا يمكن ان تتناول أي شيء لتكتفي ب”السيروم”.
وبعد ساعة دخلت أمها واختها لتفقد حالتها، وبدون علم منه سلم لهما العلبة وذهب الى العمل، فأكلتا ما بها، وبعد مدة أحستا بوجع يمزق أمعائهما، فاضطرتا أن تبقيا في نفس القاعة لعلاجهما. وحين استفاقت الزوجة صعت بما حصل لأمها ولأختها، واعترفت لهما بما حصل لها نادمة.