بقلم: زهرة الغضبان / تونس
قطقط قطّ جميل له عينان زرقاوان وفم أرجواني وشعر ناعم شديد البياض كالقطن . توطّدت عرى الصّداقة بينه وبين صديقته زهور لا يفترقان الا عند النّوم . وكانت صديقته زهور تعلّمه الصّيد والقنص تجرّ أمامه خيطا وتقول له :أنظر يا قطقط هذا ثعبان يريد أن يلدغني يتأمل قطقط الخيط وينقضّ عليه بشراسة لكي لا يمسّ صديقته بأذا وبسرعة خاطفة تسحب زهور الخيط إلى أعلى فيتشبّث قطقط بملابسها لكنها سرعان ما تخفيه وبينما كان قطقط جاداّ في البحث عن الثعبان تضع زهور كدس تراب وتدسّ فيه المسطرة
وتحركها برفق ذات اليمين وذات الشّمال وتصرخ :أنظر لقد وجدته ينظر قطقط حيث تشير صديقته فيلمح التّراب يتحرّك يجمع قوّته ويهجم عليه ويكشف عن المسطرة وينهال عليها عضّا .اعجبت زهور بذكاء قطّها المدلل واحتضنته و هي تتحدّث اليه حديثا لاينقطع وكعادتها وككل صباح تتوجّه الجدة الى جرّة الماء لتتوضأ وتصلي ثم تشعل كانون الشاي لتعد تلك الكأس المركّز الكثيف السّواد كالقطران لتتّفتح عيناها ويدبّ النشاط في جسمها وتستأنف عملها في صنع الصّوف . اقترب قطقط من الجدّة رويدا رويدا وهو يحرّك ذيله يمنة ويسرة مستعدّا للهجوم لما لمح المغزل يدور والخيط يلتفّ حوله وانقضّ عليه وانشب فيه مخالبه وانيابه فتمزّق الخيط
غضبت الجدّة وانهالت عليه ضربا بحذائها فقفز قطقط وانقلب الابريق وانسكب الشّاي وانطفأت الجمرات وتصاعد البخار احتار قطقط في أمر الجدة التي انهالت عليه ضربا وشتما عوضا من أن تشكره التفت اليها بدوره متوعّدا سأترك الثعبان يلدغك ويريحنا من شرّك وسأرفع أمرك لصديقتي زهور ثم أطلق صرخة انذار : ميياو ميياو وفرّ هاربا لمّا لمح الجدة تلحق به وتطلب من أحفادها الامساك به. اسرعت اليه صديقته زهور واحتضنته وهو يرتجف من شدة الخوف وجرت به واختبأت تحت كوم التبن خوفا من الجدة التفت قطقط لصديقته فالتقت أعينهما لحظة أبرقت فيها وقال لها أنا لست بمخطئ لقد رأيت الثعبان يلتف ويقترب من ساق الجدة ليلدغها أحست زهور بالذنب وأخفظت عيناها خجلا وفي الاثناء هبت نسمة عليلة وداعبت خصلاة شعرها المتلاسقة المتلاحقة كأنها أمواج انقض عليها قطقط بادئ الامر ثم تراجع خوفا لكن زهور مسحت على رأسه برفق فأحس قطقط بالطمأنينة وجعل يتمسح بها قائلا :مامن أحد غيرك يعرف لي قدرا ثم أغمض عينيه ودسّ رأسه في عنق زهوروأطلق خرخرة كأنه يهدهدها . لمحت زهور فأرا يطل من جحره ثم يتراجع خوفافراودتها فكرة ان تعلم قطقط صيد الفئران والاعتماد على نفسه وتبعده من طريق الجدة التي لا حول لها ولاقوة أمام جباروتها وهمست إلى قطقط مشيرة باصبعها :أنظر يا قطقط إنه فأر غذاء مفضل للقطط هيا تربص به وانقض عليه ..نظر قطقط حيث تشير صديقته فلمح الفأر تربص به وسرعان ماانقض عليه. صفقت زهور مشجعة وأصبح قطقط ملازما امام كوم التبن يتربص بالفئران . وذات يوم أرادت الجدة أن تتفقد الصوف الذي غزلته فوجدت الفأر مزقه إربا إربا استاءت الجدة وخرجت تلعن أبو الفئران وتنادي قطقط بس بس فأقبل مسررعا و تراجع
لما عرفه صوت الجدة فأمرت زهور بآحضاره إلى البيت
. قالت زهور: جدتي بالله عليك أمازلت غاضبة من قطقط ؟قالت الجدة سأسامحه إذا أراحني من الفأر همست زهور لقطها قائلة هيا يا قطقط إثبت كفاءتك لجدتي لتسامحك وتنال ثقتها. أحس قطقط بالظلم وقال: لم أكن مذنبا لتسامحني قبلت زهوررأس قطها قائلة:دعك من الغضب الان واظفر بوجبتك المفضلة إنه فأر صاح قطقط ماذا قلت؟ فأر؟ثم أسرع ورائحة الفأر تقود وجهته تربص به وسرعان ما إنقض عليه وخرج يتبختر في مشيته ففرحت الجدة كثيرا وشكرته