أ د أحمد بقار جامعة ورقلة الجزائر
لا نقدم جديدا إذا ما قلنا أن الطفل عود لدن رفيق يتمدد بحسب المسار الذي حدد له ، و صفحة بيضاء يكتب فيها الكبار ما شاءوا ، إذن الأّجيال المستقبلية تصنع على عين الحاضر ، و كل جيل يتأثر سلبا أو إيجابا بما يفرزه محيطه .
إن هذا التمدد التكنولوجي الرهيب الذي نحياه رغما هنا – نحن العرب – جعل المجتمع يتخبط ذات اليمين و ذات الشمال ، و هذا الأمر يحتاج إلى حكمة و تدبر و بصيرة من الكبار قبل الصغار ؛ محيط عائم لا يحسن السباحة فيه إلا البصير الصادق في توجهه ؛ من يعرف ما له و ما عليه . و المشكلة الكبيرة هي عدم وضوح الرؤية ، و عدم الارتكاز على قوانين واضحة في التعامل مع هذا التدفق الكبير الذي أشبه ما يكون بسيل عرم ، و هذا ما يجعل كل واحد يتعامل بفهم و فكر مغاير يراه من وجهة نظره صائبا ، و هذا ما يحدث الإرباك و التصادم في وسط المجتمع ، فبعض الأولياء مثلا يفتح الباب على مصراعيه لأولادهم ليلجوا هذا العالم من دون تهيب ، فقط لأنهم خلقوا لجيل غير جيلهم ، فيقعون في المحظور ، و على رأس ذلك الانعزال و الانغلاق على الذات ، و تضييع الواجب الدراسي ، و قد يفضي بهم إلى سلوك غير سوي فيتحول إلى قنبلة موقوتة وسط المجتمع ، و فئة أخرى من الأولياء تقوم بحضر كل ما له علاقة بهذا العالم فيكون الأبناء مسخرة في وسط محيطهم المدرسي أو محيطهم المجتمعي ؛ لأنهم لا يعرفون منه شيئا ، إذن كل فئة من هؤلاء تؤذي الأبناء من حيث تريد الإحسان إليهم – بكل أسف – و الأمر كما تقره القاعدة الفقهية المأثورة ” لا ضرر و لا ضرار ” ، فالمبالغة دائما تأتينا بالنتائج العكسية .
الأمر موقوف دائما على المرافقة ؛ فالأولياء مطالب منهم أن يقوموا بمسؤولياتهم في هذا الأمر بالمتابعة و المرافقة بالحسنى ، فالصغير نوزع له وقته بأمور منها : استعمال اللوح الإلكتروني في أوقات محددة جدا ليكون وسيلة و ليس غاية ، ثم تعليمهم الرسم ، و الخط ، و الموسيقى ، و الرياضة ، و متابعته في الفن الذي يظهر فيه تحسنا و حبا ، و يجب أن يتفاعل في هذا المحيط المجتمعي الإيجابي ؛ من جمعيات فنية متخصصة و دور ثقافة و مؤسسات تربوية و مؤسسة المسجد .
من الأمور التي تجعل من اللوح الإلكتروني وسيلة و ليس غاية ، أن تسرع وزارة التربية و التعليم في استعماله وسيلة تربوية للحساب و الكتابة و الرسم و التركيب و هلم جرى ، ليخرج من ذهنه ذلك الفهم المغلوط ؛ أن هذا اللوح أو بقية الأجهزة الإلكترونية صنعت فقط للعب و المتعة و تضييع الوقت ، ليومن أنها وسيلة لا تقل أهمية عن الكتاب و القلم و الحبر ، لأننا نريد طفلا إلكترونيا بشكله الإيجابي ، فهو إلكتروني شئنا أم أبينا ، فليكن إلكترونيا تحت أعيننا و وعينا .