الدكتور: محمد محضار / المغرب
أحس بصمت رهيب يغشاه ،وهو يتلمس خطاه بين السابلة دون هدف أو غاية ، حياته تفتقد هذه الأيام إلى المعنى فهي شاحبة ذابلة ولا شيء يمكن أن يغير طعمها الناشز ، هناك أشياء كثيرة حدثت في أزمنة مختلفة وغيرت العديد من مجريات هذه الحياة ، وأكسبتها هذه المررة التي يتذوقها بمفرده .
كان الناس يسيرون في إتجاهات متباينة كان هو بينهم رقما ضائعا سُرقت منه هويته ، وتُرك لحاله هائما على وجهه في هذه المدينة اللئيمة التي تبجّل المخنثين وتفتح فخديها لتتلقف قمامة التفهاء القادمين من جزيرة الغربان ، منذ يومين طرد من الفندق المخملي الذي كان يشتغل به ، لأنه ضرب أحد غربان الجزيرة
بقوة على مؤخرته بعد أن تجرأ ونعته بابن العاهرة بسبب تأخره في تقديم زجاجة شمبانيا له ..” الكرامة هي الإنسان ، وحين يفقد الإنسان كرامته في وطنه فالموت أهون ” بهذه العبارة ردّ عليه
ثم نفذ شريعة الرجال فيه دون هوادة أو تردد ، ولم يفلح حرس الأمن الخاص في إيقاف جنونه فقد كان هائجا كثور ثائر ،أقسم
أن يفرغ زجاجة الشمبانيا في في إست الغراب وفعل .
لا تهمه الآن الأحكام التي تنتظره ، ولا دريهمات الحقارة التي يحصل عليه من شغله في فندق الوضاعة .فكرامته تاج على
رأسه .
كان قد قطع مسافة طويلة ، دون أن يحس ، وعندما تاب إلى نفسه اكتشف أنه بالكورنيش ، تسربت إلى خياشمه نسمات ريح رطبة.
وتهادى إلى أسماعه هدير الموج قويا ، يضاهي ذلك الهدير المدوي في أعماقه ، وفي تلك اللحظة تذكر أمه وخبزها الساخن ،وأحس بحنين لابتسامات والده وهو يقدم البرسيم لبقرتهم الوحيدة ،وتمنى لو أنه طار إلى قريته الأطلسية في هذه اللحظة .
محمد محضار 12دجنبر 2015