الشاعرة سونيا فرجاني/ تونس
بسبب الشّعر أصاب بخوف حانق ،
في البيت وفي اللغة
وفي سوق السمك،وفي المكتبة أيضا.
خيالي حاذق
بالقدر الذي يجعلني أسمع صوتك في عين موظف البريد
وعلى أرنبة أنف الخباز المنهك.
لعلّه الوهم الأكثر واقعيّة على هذه الأرض .
لا تشتري لي أحمر الشفاه الغامق،
فمي ليس معي
لا تعوّل على رتابة الألوان ،
وعلى البائعة التي تغار مني .
اللغة كالألوان يا حبيبي
نصنعها أنا وأنت،حين نشتهي قبلة،
وتسقط خيول السّباق فوقنا،
فينكسر ظهر الحلم
وظهر النبيّ الهارب.
أن تعيش قصيدة،
يعني أن تتفكّك،حواسّك أمامك،وتضطرّ لجمعها وأنت عارٍ تماما
تحمل سفينة فوق كتفيك،مشقّقةً
وتحمل منحوتة بلا رأس
وآمرأة تاريخيّة ،تشبهني حين أكون في طريقي إليك.
لأوقف تدفّق الوقت
أمرّر أناملي بهدوء على حافّة شفتيّ
أعاكس سرعة قلبي في الرجوع إلى الوراء
وأقيم تخوما .
أضع صوتك على أجنحة النحل واليعاسيب
وأضع الشعر والبيت والسوق والمكتبة وعامل البريد
والخباز على يدي.
لم أحبّك بحرّيتي،
لو أني فعلت،
لحرقك السّيل إلى الليل،
وليلي شديد الضوء
لا يشبه أحمر الشفاه الغامق،
ولا يرابض قرب الجسد.
ثمّة أمور غريبة تجري الآن في اللغة
لعلّها ظواهر ،فلك المعنى،
أو لعلّه الطمي المخيف.
أعيشك
كاملة،بتقويم الحدائق المعلقة،
و حين يضيق الصوت على طقسي ،أختنق.
أحداث كثيرة تدنو داخلي
وتفرّ
صخب سرّيّ يتسلّق الفراشة المذعورة من أنكيدو،
أسمعه
وأرجعه للبرق.
ثمة فرق
بين أن نرسم تمثالا وبين أن نعلّقه على جدار.
لكني أحبك
البشر لا يعرفون أني أحبك
والآلهات لاتعرف
الصمت يعرف
الأزمنة السحيقة ،الكلمات الداكنة وأخواتها البِيضُ
شعراء اليونان يعرفون
وعامل في الحمّامات بروما يعرف
وصانع النواقيس يعرف.
لعلّ حبك، حرّك التربة في الأرض فصار سمادها ،
وأكلته الكائنات فانتفعت.
لعله صار طلاء السفينة الرمادية التي نسيها نوح على ربوة
ونام
أو لعلّه صار الحرارة في أسلاك الهاتف من روما الى سيدني ومن البيت إلى المطار.
أنا
مشوّشة
أحن إليك ،وأكتب نصا جالسة لا أستند على شيء،
أحرّك ساقاي كمن ينتظر قطارا
تأخر عشرين عاما
في نقطة حمراء
كوخز ابرأة .