الأستاذة: لطيفة الغراس / المغرب
وصلنا الرباط ودخلنا ثانوية م يوسف لأداء الاختبارات الشفوية وكانت تهم كل المواد( الرياضيات/ العلوم الطبيعية/ الفرنسية/ التاريخ والجغرافية…)
كانت اللجنة المشرفة من الرباط.
تنفسنا الصعداء بعد تأدية هذه الاختبارات وخرجنا نتجول جميعنا( الذكور والإناث)، كان بيننا المرحوم المهندس الرسام الأمين الدمناتي،كان يهدينا رسوماته وهو في بداية عهده بالرسم،وكانت عبارة عن لوحات صغيرة مرسومة على الزليج الأبيض. صادفنا في طريقنا أحد أفراد العائلة قادما من مصر وكان يتخصص في العلوم السياسية والاقتصادية،إنه إبن العائلة التي استضافتنا في الخميسات والذي أصبح فيما بعد أستاذا جامعيا وعضوا في اللجنة التنفيذية لحزب الاستقلال،ثم وزيراوتمنى لنا النجاح مستقبلا في الباكلوريا…
تابعنا الدراسة الثانوية وتفتحت مداركنا العلمية والثقافية على يد أساتذة حرصوا على هذا،ومنهم المرحوم مصطفى الرقة وقد كان يدرسنا الرياضيات،طبعا باللغة العربية وإن كانت المصطلحات عالمية،ولم نجد صعوبة في إنجاز التمارين من الكتب الفرنسية.
إلى جانب الأساتذة كان التأطير من طرف قائد كبير للكشفية الحسنية المرحوم جلال الصافي وكان إذاك يعمل حارسا عاما لثانوية النهضة،كما ساهم مكتب الشبيبة الاستقلالية في إغنائنا بالفكر السياسي وفي الإشراف على دروس التقوية في الفرنسية والأنجليزية والفيزياء والرياضيا مجانا.
كان حب الوطن والرغبة في إعلاء شأنه هو الدافع لبعض الطلبة الذين التحقوا بالجامعة،والذين تطوعوا للقيام مجانا بهذه الدروس،ومنهم الدكتور عبد الجليل بنحلام ،كما تم الدعم الرياضي من مندوبية الشبيبة والرياضة وكان على رأسها في مكناس المرحوم الديغوسي.
مارسنا رياضة التنس وألعاب القوى والسباحة،ومنا من اختار ركوب الخيل والمسايفة ورمي النبال وكانت مكناس سباقة في هذه الرياضات،كان يكفي أن تدفع شهادة مدرسية وصورة شخصية لتتمتع بهذه الرياضات دون أي واجب مادي!! وفي مركز الشبيبة الاستقلالية كنا نمارس كرة الطاولة.
كان المغرب في بداية الاستقلال والروح الوطنية تسكن النفوس ولم تسيطر بعد فكرة الربح المادي.
أتذكر أن القسم كله شارك في اقتناء مجلة العلوم بإيعاز وتشجيع المرحوم مصطفى الرقة.
نحن في السنة الأولى ثانوي وإذا بالمرحوم بن حماد الديغوسي وعبد الجليل بن حلام ينقلا إلينا دعوة من الاتحاد العام لطلبة المغرب،لحضور مؤتمر بتطوان،رغم أننا لا زلنا في طور الثانوي،وكان الرئيس هو الوزير السابق عباس الفاسي..
كان نضج التلاميذ ومستوى الوعي الوطني لديهم من أهم أسباب المشاركة وهذا النضج تم عن طريق المطالعة المستمرة لكثير من الكتب في الأدب الروسي والفرنسي والأمريكي والألماني،فقد كانت مكتبة الجامع الكبير تمدنا مجانا بالقصص والروايات لمدة 15 يوما وهذا كان يتيح لنا تبادلها بيننا،إذ كان كل واحد يستعير ثلاثة..!
إشتركت في مجلة إذاعةBBC البريطانية وكانت الإذاعة تتمم عمل المدرسة وعمل جمعيات المجتمع المدني.
كنا نشارك في ملتقيات تدريبية على الثقافة والانفتاح عبر ملتقيات تتم بعين خرزوزة بجبال الأطلس في عطلة رأس السنة،وتعلمنا صعود الجبال ونحن ننشد شعر خليل جبران( المواكب) هل فرشت العشب ليلا/ وتلحفت الفضاء…
أي مستوى كان لا من حيث الوعي الوطني ولا من حيث المعرفة اللغوية والعلمية! تلك سنوات خلقت جيلا وطنيا بامتياز….
وإلى حلقة أخرى،عندور التعليم الخاص قديما في المغرب.