بقلم الشاعر علال الجعدوني
في الحقيقة مفهوم الناقد مفهوم قديم جدا ،وربما هو سابق في وجوده على وجود العمل ،ومفهوم النقد مرتبط بالإنسان صاحب الخبرة الموسعة والعقل والحكمة ولقد سبق لهذا كل من أفلاطون وارسطو ومن هنا يمكن القول على أن مفهوم الناقد هو ذاك الشخص الذي يتوفر على خبرة ودراية كافية وكذا على ثقافة عالية محترمة بحيث يستطيع تحليل وتفسير كل الإنتاجات الإبداعية من قبل المبدعين بالصورة الصحيحة .
والناقد هو كائن سياقي يتأثر بعوامل عديدة منها ما هو موجود خارج العمل الإبداعي، كالعوامل الإجتماعية والسياسية والثقافية ومنها ماهو موجود داخل نفسيته التي تشمل مزاج الشخصية أو التركيبة النفسية مع الخبرة والثقافة …
ومن هنا يمكن تقسيم النقاد إلى نوعين ،ذاتيين وموضوعيين ،فالذاتيون هم من يرون ويفهمون ويقيمون العمل الإبداعي من خلال رؤيتهم الذاتية التي هي معرفة مثل أي معرفة ، وفيها يتقدم وجدان الناقد وخياله على المعرفة الموضوعية بينما الموضوعيين هم الذين يحاولون أن يمتدوا مع معارف الآخرين وكلاهما يتوقفان على حدس الناقد وخبرته وثقافته وذائقته ،ولا يمكن أن نتوقع ناقدا لا يتحلى بمواصفات أو مقومات خاصة تؤهله لأن يكون ناقدا متميزا .
والعملية النقدية ليست عملية سهلة ويسيرة كما يتوقع البعض أو كما نجد عند أغلب ما يكتب في الصفحات الفايسبوكية ، ويمكن القول هذا راجع بلا شك إلى عدة عوامل منها ما يتعلق بشخصية الناقد غير المؤهلة أن غير المثقفة ومنها ما يتعلق بالعقلية السطحية التي لا تستطيع فك البنى والإشكال بالغة التعقيد وهي العقلية السائدة في المجتمعات العربية .
فالنفد هو انعكاس لبنية العقل المجتمعي التي تنظر إلى الثقافة والنقد والإبداع على أنها مسائل غاية في الأهمية والحضارية الإنسانية أو التربوية .
فعندما يتعافى العقل الإجتماعي والثقافي فإن العقل النقدي يتعافى .
حينما يقبل الناقد على العمل الإبداعي يكون لمعتقداته تأثير فاعل في طريقة تفكيره ،وما يستخلصه من هذا العمل وبالنتيجة فإن هذه المعتقدات ستحدد ما سيحدث عنه العمل براي الناقد، وبالتالي كيف سيقرأه .