بقلم الناقد والشاعر أ لطفي عبد الواحد/تونس
المدعو “الفنان” لطفي العبدلي وأمثاله افراز لثقافة هزيلة تؤسس للخراب..
عندما قرأت واطلعت على ردود الفعل العنيفة على المسرحية الأخيرة للمدعو لطفي العبدلي وعلى الكم الهائل من الشتائم والنعوت القبيحة الموجهة اليه والتي تعبر عن حجم النقمة الكبير على ممثل مغرور تجاوز الخطوط الحمراء باسم الفن والابداع وحرية التعبير وتجرا على الإساءة للمرأة التونسية انطلاقا من تصوير شخصية سياسية هي السيدة عبير موسي بأسلوب منحط رخيص لا يصدر عن فنان حقيقي ولا يسيء لهذه المرأة فقط بل لكل النساء التونسيات وكل أبناء الشعب بنسائه ورجاله المؤمنين بعظمة المرأة التونسية ومكانتها المتقدمة.عندما قرأت واطلعت على كل هذا لم اتفاجأ ببلوغ هذا الشخص هذا المستوى من الانحطاط والرداءة لأننا والحقيقة يجب أن تقال أصبحنا نلاحظ تنامي هذا الصنف من المسرحيات والأعمال الفنية بصفة عامة المشحونة بالبذاءة والكلام الفاحش الذي يثير التقزز والشفقة على أصحابه والذي لايليق حتى بالشارع والفضاءات العامة المفتوحة التي نرتادها وكثرة البرامج السخيفة التي تبثها القنوات الخاصة. كما أصبحنا نلاحظ تنامي بروز إنتاج فني وثقافي رخيص ودعم هذا الإنتاج ماديا واعلاميا على حساب دعم الإبداع التونسي الصحيح ونشر رسالة الفن النبيلة في مجتمع له خصوصياته وهويته المتميزة عنوان شخصيته وكرامته وان كره الكارهون والعابثون كما أصبحنا نلاحظ أيضا تراجع دور المؤسسة الثقافية الموجهة ودور الرقابة التي لا تعني ابدا الحد من حرية التعبير والممارسة الديموقراطية السليمة للفن في مجتمع نريده ديموقراطيا ولعل الأمر الادهى والأمر ان وزارات الشؤون الثقافية المتعاقبة منذ الاطاحة بمنظومة الحكم السابق قد انخرطت بشكل او بآخر في هذا التيار ولم تضطلع مع الأسف الشديد بدورها الايجابي والضروري في ما يجب أن يدعم فعلا من الأعمال والابداع الفني في شتى المجالات في إطار سياسة ثقافية محكمة تخدم التنمية الشاملة المستدامة وتساهم في بناء شخصية المواطن التونسي المتوازن وتحصين المجتمع ثقافيا من الآفات والعيوب الاجتماعية الطارئة والمستفحلة.
ومن هذا المنطلق أقول إن ما اقدم عليه الممثل المدعو لطفي العبدلي أقدم عليه أمثاله في مناسبات عديدة فالفن بالنسبة لهؤلاء إسراف في الابتذال والاضحاك المجاني وسعي لافساد الأذواق والهدف الأسمى الارتزاق والربح المادي السريع لا غير. ولذلك اعتبر ان انتشار مثل هذه الأنواع من الأعمال المسرحية والفنية تحت شعار الديموقراطية التي يريدونها على مقاسهم وحرية التعبير التي يدعون ادعاء باطل غايته ايجاد التبرير لاشاعة هذا الإنتاج الهدام واجرام في حق الفن وقيمه النبيلة لذلك أرى أن من واجب المجتمع ان ينهض ويدافع عبر مؤسساته والقانون المنظم لحياة الناس وعبر جمعياته والوزارات المعنية مباشرة وفي مقدمتها وزارة الشؤون الثقافية لوضع الضوابط الضرورية فلا قيمة لفن اذا تجاوز وظائفه في المجتمع ولا قيمة لحرية دون اقتران الحقوق بالواجبات ولاقيمة كذلك لفنان استحال ان يكون قدوة حسنة فتحول إلى معول هدم ومثالا سيئا لأجيال الحاضر والمستقبل.
ختاما أقول للذين يدافعون عن المدعو لطفي العبدلي وأمثاله ويتهجمون على منتقديه ويعبرون عن مساندتهم له وتضامنهم معه باسم الديموقراطية وبمبررات أخرى يتبنونها ويريدون ان يوهموا الغير بأن طرفا سياسيا محددا وهو الحزب الدستوري الحر وراء هذه الهجمة على هذا الشخص لأن انصاره قد استنكروا عرض زعيمتهم في صورة سيئة لاتقبلها اية امرأة او مواطن تونسي أن هذا الادعاء لايستقيم لأننا لاحظنا ان هذه الردة العنيفة لم تصدر فقط وهذا امر طبيعي وايجابي من المنتسبين لهذا الحزب بل صدرت أيضا عن الكثيرين من التونسيات والتونسيين المنتمين لاتجاهات سياسية وفكرية مختلفة كما صدرت عن العديد من المبدعين والفنانين والمثقفين الشرفاء في بلادنا وهذا كاف في تقديري لادانة هذا الممثل وأمثاله من الذين لوثوا الساحة الثقافية والفنية ولاحالته ان لزم الامر على القضاء لمحاسبته وردعه إذ لا يحق لاحد يعلو على القانون المنظم لحياة الناس والأفراد داخل هذه البلاد..