بقلم الشاعر والناقد أ. لطفي عبد الواحد
هو شاعر متميز ومن الشعراء الفرنكوفونيين الكبار الذين تجاوز اشعاعهم الادبي والفني تونس وربطته صداقات كبيرة مع اعلام الفكر والفن في العالم. إنه الشاعر التونسي عبد المجيد التلاتلي الذي ينحدر من عائلة عريقة من العائلات المعروفة في مجال الفكر والاعلام والفن.
ولد الشاعر الفرونكوفوني المتميز والمثقف الكبير عبد المجيد التلاتلي في مدينة نابل زهرة المتوسط عاصمة الوطن القبلي وهي احدى أجمل المدن السياحية التونسية المجاورة لمدينتي الحمامات ودار شعبان الفهري في 24 جوان من سنة 1928. وفي هذه المدينة التي عشق ترابها وبحرها وحضارتها نابل وريثة نيابوليس الحضارة والمجد وتغنى بها في اشعاره التي كتبها تلقى دراسته الابتدائية ثم التحق بالمدرسة الصادقية حيث واصل تكوينه وحذقه للغة الفرنسية الى جانب العربية اللغة الأم وفي تونس العاصمة اشتغل لمدة طويلة في اذاعة تونس الدولية ونشر العديد من كتاباته في جريدة لاكسيون الناطقة باللغة الفرنسية l’ Action وتولى ادارة المكتبة الوطنية التونسية وادارة رواق يحيى للفنون وعرف بانشطته الكثيرة في العديد من الجمعيات الثقافية وترأس رابطة القلم الجديد وللتذكير يعد الشاعر من ابرز الشعراء التونسيين الذين كتبوا الشعر باللغة الفرنسية زمن الاستعمار وفي عهد الاستقلال وواكب اجيالا من الأدباء والشعراء الكبار الذين كتبوا باللغتين العربية واللغة الفرنسية التي تعد اللغة الثانية في تونس واستطاع ان يحصل على تكريم عالمي في مجال الابداع الشعري بحصوله في سنة 1952 على جائزة قرطاج للشعر وهو اول مسلم يتحصل على هذه الجائزة عن مجمل أعماله وخاصة مجموعته الشعرية المشهورة بعنوان رماد قرطاج “les cendres de Carthage” لينال الى جانب هذا التكريم تكريمات اخرى ومنها تكريمه المتمثل في احرازه اواخر السبعينات من القرن الماضي على الميدالية الذهبية من المعهد العالي للانسانية في ايطاليا Institut supérieur d’Humanisme en Italie وقد اقامت له اللجنة الثقافية لبلدية نابل بالتعاون مع اللجنة الثقافية الجهوية حفل تكريم بالمناسبة ونشر الاستاذ الصديق كمال بوعوينة مقالا عنه بالفرنسية في العدد الرابع لشهر نوفمبر 1978 من المجلة الجهوية “أصداء الوطن القبلي” التي كان أسسها المرحوم الاستاذ صالح بن عربية وكنت من بين اعضاء أسرة تحريرها. هذا وتجدر الاشارة إلى ان الشاعر عبد المجيد التلاتلي قد ظل يعمل ويكتب دون توقف الى حين وفاته في 13 جوان 2004 مستلهما من مدينته نابل وبلاده تونس أجمل قصائده وكتاباته بلغة جميلة تمس شغاف القلوب ولا تخلو من التامل والجمالية والحس الانساني المرهف وهي كتابات لا يمكن ان تصدر الا عن شاعر عرفه الجميع بغزارة ثقافته وتواضعه وترك العديد من المؤلفات المخطوطة التي ارجو ان تسعى عائلته والمؤسسات المسؤولة الى نشرها واخراجها ليطلع عليها المثقفون والمولعون بالكتابة الادبية خاصة اذا علمنا ان هذا الشاعر الذي يستحق كل الاعجاب والتقدير قد ظل رغم عظمته وعلو شأنه في الكتابة مغمورا و لم ينل حظه الكافي من التعريف والتقديم لجمهور القراء والمثقفين ويكاد مع الاسف الشديد واقول هذا بمرارة غير معروف من قبل ابناء مدينته ووطنه وربما كان اشتغال الكثيرين بالشعر المكتوب باللغة العربية قد حال دون الاهتمام الواجب باشعار هذا الشاعر التي كتبت باللغة الفرنسية ولم تتوفرلها مناسبات عديدة لتقديمها..
رحم الله الاستاذ الشاعر عبد المجيد التلاتلى الذي اتوجه بتحية كبرى لروحه الزكية داعيا الله ان يظل ذكره خالدا في ذاكرة الاجيال والذاكرة الوطنية والعالمية..
ملاحظة وجدت في المصدر الذي عدت اليه ان الشاعر قد توفي يوم 13 جوان 2004 لكن بمراجعة بعض أقاربه وجدت تاريخا مخالفاوهو 27 ماي 2004 وسأسعي للتثبت وتصحيح المعلومة.