بقلم الناقد والشاعر أ لطفي عبد الواحد/تونس
محمد الشاذلي خزندار شاعر تونسي اشتهر في مطلع القرن العشرين بقصائده الوطنية المعارضة لسياسة المستعمر الفرنسي الذي شاءت الاقدار ان ينتصب في تونس في نفس السنة التي ولد فيها هذا الشاعر أي سنة 1881 وان تكون وفاته رحمه الله في سنة 1954 قبل سنتين من استقلال بلادنا ومحمد الشادلي خزندار الذي اتصف بروح وطنية عالية ومحبة نادرة لتونس هو حفيد الوزير التونسي المفسد في عهد البايات مصطفى خزندار المعروف بسرقاته لخزينة الدولة وبكونه من المتسببين في افلاسها الأمر الذي اتخذته السلطات الفرنسية ذريعة لاحتلال تونس. لكن هذا الحفيد الشاعر لم ينسج على منوال جده الذي اساء للبلاد وللعائلة بسيرته ومانسب اليه بل كان على خلاف ذلك فطلّق حياة القصر وضحّى بمنصبه في جيش الباي وقد كان من الضباط السامين ونزل إلى الشعب واحتكّ به وانتمى إلى الحزب الحرّ الدستوري برئاسة الزعيم الوطني المرحوم عبد العزيز الثعالبي في سنة 1920 وأصبح عضوا من أعضاء اللجنة التنفيذية وفي هذا الانتماء نظم انشودة أصبحت فيما بعد شعارا يردّده التونسيون في مظاهراتهم وعند اعلان غضبهم على المستعمر وسياسته وفيها يقول:
تونسيٌّ وحسبي
أنني تونسي
حزبها الحرُّ حزبي
حزبها الوطني
نشأتي في فضاها
في فضاها نشأتُ
مولدي في هواها
في هواها وُلدتُ
ظلّلتني سماها
في بَنيها عُددتّ
وقد نال الشاعر محمد الشاذلي خزندار مانال من العقاب بسبب مواقفه المعارضة للمستعمر ومساندته لمطالب الاحرار الوطنيين التونسيين وزُج به في السجن بسبب مشاركته في أحداث 05 افريل خاصة وانه كان من ضباط القصر وأعلن عن تأييده للحركة الوطنية الدستورية المعارضة ولرئيسها المرحوم عبد العزيز الثعالبي. وفي الفترة التي قضّاها الشاعر في السجن كتب قصيدة بعنوان “مناجاة تونس” وهي قصيدة تعدّ من أجمل القصائد الوطنية التي خلّفها لنا وصوّر فيها حبّه العظيم لتونس ومدى تعلقه بها وفيها يقول متحدّثا :
سلا تونسَ عنّي وعنها سلَانيا
أنا ما بها أدري وتدري ما بِيا
سُجنّا معا فازداد كلٌّ صبابةً
وما غاب كلٌّ عن أخيه ثوانِيا
أعدّ لنا الحُسّادُ بالسجن خلوةً
فزدنا التحاما عندها وتشَاكيا
ودارت كُووس الحبّ بيني وبينها
وكان بها مجرى السُلافة صافِيا
تُنادي انتسبْ يا شاذُلي قلتُ:تونِسي
فقالت: انا للشاذُلي إذ غدا لِيا
فما كان أحلاها لدينا صبابَةً
وما كان أحلاه لدينا تناجِيا
فتحتُ لها صدري وقلتُ : تفضّلي
فقالت : وهل فارقتُ يوما مكانيا؟!
لحا اللهُ عُذّالي عليها أهذه
على حُبّها يغدُو المُتيّمُ سالِيا.
سأحيا لها فكْرا وجسْما ومُهْجةً
وهاهي في قلبي وهاهيَ ها هِيا.
رحم الله الشاعر الوطني المرحوم محمد الشاذلي خزندار الذي سنبقى نردّدْ معه في كل الأوقات ما قاله عن تونس وخاصة قوله في هذا البيت :
سأحيا لها فكرا وجسْما ومهْجةً
وها هي في قلبي وها هي ها هِيا..