ذ. لطفي عبد الواحد شاعر و ناقد تونسي
محمود بيرم التونسي أديب كبير وشاعر عظيم من أصل تونسي ولد في سنة 1863 في مدينة الاسكندرية لأب هاجر الى مصر واستقر بها وتوفّي سنة 1961بعد سنة من تكريمه من طرف الرئيس المصري المرحوم جمال عبد الناصر وحصوله على جائزة الدولة التقديرية .
قضى بيرم التونسي حياته بين مصر وتونس وفرنسا وكان السبب الرئيسي لابعاده عن مصر أكثر من مرة انتقاده للحاكمين ولسلط الانتداب الانقليزي باسلوبه الحادّ والساخر وعانى حيثما حلّ الكثير من العسر والشقاء ولكنه ظل يقاوم بكل ما أوتي من قوّة واستطاع أن يصبح من كبار أدباء مصر ومن كبار شعراء الاغنية العامية بقصائده التي غنّاها كبار الاغنية المصرية مثل كوكب الشرق السيدة أم كلثوم والموسيقار فريد الأطرش وقداشتهر بيرم بالاضافة الى هذا بقصيدته عن المجلس البلدي وفيها انتقد المجلس البلدي في مدينة الاسكندرية في فترة الحكم الملكي والاستعمار الانقليزي الذي اثقل كاهله وكاهل المصريين بكثرة الاتاوات والضرائب وعاقبه بالحجر على بيته وهي قصيدة ساخرة سبّبت له متاعب جمة ونفيا الى ارض اجداده تونس عقابا له وهي القصيدة التي تسببت في ازدياد شهرته لكن في المقابل حوّلت مجرى حياته وكانت أيضا سببا مباشرا في تحوّله الى الادب والصحافة ونيل المكانة المتميزة.
وفي الفترة التي قضاها بيرم التونسي في تونس كان له نشاط حثيث واتصالات عديدة بادبائها الكبار وخاصة جماعةتحت السور وكان له الحضور المشرف والمشرق رغم ما لقيه من مضايقات من السلط الاستعمارية الفرنسية..
ولئن وجد محمود بيرم التونسي في اخر حياته الرعاية والعناية في مصرالتي ولد فيها ونظمت له الاحتفالات بمناسبة إحياء ذكرى وفاته الا ان هذا الشاعر الذي احب تونس واقام فيها لم يزل الى الان لا يلقى الاحتفاء به من ابناء بلاده ولم تفكر وزارة الشؤون الثقافية ومؤسساتها وجمعياتنا في تنظيم تظاهرة كبرى للتعريف به وابراز اعماله وفضله ..
وتقديرا لهذا الاديب المصري التونسي الخالد اخترت ان انشر قصيدته الطريفة والمشهورة التي انتقد فيهاالمجلس البلدي لعلّ فيها ما يدعو للاعتبار..وفيما يلي هذه القصيدة :
قصيدة المجلس البلدي للشاعر محمود بيرم التونسي:
قد أوقع القلب في الاشجان والكمد
هوى حبيب يسمّى المجلس البلدي
امشي واكتم أنفاسي مخافة أن
يعدّها عامل للمجلس البلدي
ما شرّد النوم عن جفني القريح سوي
طيف الخيال خيال المجلس البلدي
اذا الرغيف أتى فالنصف آكله
والنصف اجعله للمجلس البلدي
وإن جلست فجنبي لست اتركه
خوف اللصوص وخوف المجلس البلدي
وما كسوت عيالي في الشتاء ولا
في الصيف إلا ّكسوت المجلس البلدي
كأنّ اّمي بلّ اللّه تربتها
أوصت فقالت أخوك المجلس البلدي
أخشى الزواج إذا يوم الزفاف أتى
أن ينبري لعروسي المجلس البلدي
وربّما وهب الرحمان لي ولدا
في بطنها يدّعيه المجلس البلدي
أستغفر الله حتّى في الصلاة غدت
عبادتي نصفها للمجلس البلدي
يابائع الفجل بالملّيم واحدة
كم للعيال وكم للمجلس البلدي..