الأستاذة: لطيفة الغراس / المغرب
كان ولا زال التاريخ ينحت في خيالي عشقا أصنع منه دوائر تلتقي بين الشرق والغرب وأضع له ذيولا تلتقي بالحاضر.
مضت سنوات طويلة قبل أن تعود قبلتي للشرق لا للغرب بعد زيارتي للبنان وقد وقفت متأملة سهل البقاع وآثار بعلبك..ومر الزمان وأنا أحلم بأهرامات مصر والحضارة الفرعونية عندما كتبت قصيدتي حول إيزيس ومطلعها: في حلمي الغريب سألت إيزيس
لو عدتِ يوما وفي معبدك أسماء
وتم نشرها في ديوان ذيول الذكريات وقد قدمت قناة النيل الثقافية ،قراءة نقدية له.
كان يسكن خيالي حكايات من ضفاف النيل وأثارت مشاعري قصص من أرض طيبة،وكنت معجبة بنساء عبرن التاريخ بأوسمة المجد والعظمة،وأرسلتني الدهشة إلى وادي الملوك وإلى جبل الجرنة حيث معبد حتشبسوت وأنا أرى هذه الملكة باباس الذكور،تقذف التاريخ بأحجار تشهد على العظمة والذكاء والحكمة.
كانت بداية الرحلة مع أفراد من عائلتي في اتجاه القاهرة من مطار الدارالبيضاء،في أول ساعات اليوم التاني من فبراير 2019.
مرت الساعات ونحن بالطائرة وقد اختلط لدي رغبة السفر وتلاحق الأفكار وأنا أحاول أن أجد علاقة بين التاريخ الفرعوني وبعض مظاهر هذه الحضارة التي أجدها في اللباس الخاص بالعروس المغربية وهي تضع الملحفة المخططة على غرار ما نشاهده في تمثال توت عنخ آمون،كانت الأفكار تعبر المدى لتمتد في علاقة بين الحضارة الفرعونية وجذور بربرية لكيليوباترة !
كان من المفروض أن تكون بداية الرحلة في فاتح فبراير وعقدت مع الأستاذة منار حسن فتح الباب موعدا لتسجيل حلقة مع التانية بعد الظهر ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن فقد وصلت القاهرة يوم 2 فبراير ! وصلنا القاهرة مع الصباح الباكر وكان الجو رائعا تهب فيه نسمات تبشر بمقدم الربيع.
بعد استلام الحقائب وجدنا مبعوث الوكالة في انتظارنا توجهنا لفندق هيلتون هيلوبوليس.
بعد تناول وجبة الفطور،استلمنا مفاتيح الغرف . أشرف وقت الظهر ونحن على موعد في حديقة الأزهر لتناول وجبة الغذاء.
خصصت وكالة الأسفار حافلة صغيرة من أجل تنقلاتناوبذلك بدأت أولى الزيارات في شارع صلاح سليم وهو يبلغ حوالي 38كلم ويرجع إسمه لعقيد في الجيش كان هو من جهز أول فرقة عسكرية بمجهوده الشخصي لوقف الاحتلال الصهيوني لفلسطين…
مررنا بقصور منها ما يرجع للعهد العثماني ومنها من له الطابع الأنجليزي وشاهدنا في طريقنا المدافن المصرية بشكلها المصري القديم وبقبب تشبه البيوت. شد انتباهي القناطر المتقاطعة في شكل هندسي جميل وهي تشبه قناطر لندن على نهر التايمز.
وما يسترعي الانتباه هو عدم التجانس بين حالة البيوت في الأحياء القديمة وبيوت الأحياء الراقية،وعبر نافذة الحافلة وعلى مرمى النظر بدت الأهرام بعيدة ولكنها ظاهرة رغم بعد المسافة الفاصلة بيننا وبينها.
شاهدنا سورا كبيرا بأحجار منحوتة ،يعلو وينخفض ولمسافة طويلة في اتجاه قلعة صلاح الدين الأيوبي وهو في الواقع قناة لتزويد القلعة بالماء وكانت القلعة من تصميم المهندس بهاء الدين قرقوش،وتذكرت سواقي السلوقية التي كانت تمتد في مدينتي مكناس داخل قصبة هدراش مرورا ببرج الماء لتخزين المياه في صهاريج أرضية تاريخية في عاصمة المولى إسماعيل أحد عظماء ملوك الدولة العلوية بالمغرب.
وصلنا حديقة الأزهر وهي حديقة شاسعة المساحة حيث قوبلنا بترحاب وعوملنا مثل الأشقاء المصريين،حسب قوانين ومسطرة الزيارات وحبذت هذه القوانين التي تسوي كافة العرب مع المصريين.
كانت هذه الحديقة مطرحا كبيرا للأزبال وتم تحويله لحديقة رائعة وبها مطعم يشرف على منظر رائع لقلاع القاهرة، حيث تناولنا وجبة الغذاء وبعدها تابعنا السير عبر ممرات القاهرة وتعرفنا على بعض المعالم ومنها ميدان التحرير وعدنا للفندق للاستراحة وقضاء الليلة الأولى بالفندق في انتظار يوم جديد ومتابعة الزيارات.