بقلم الشاعرة أ. لطيفة الغراس
أعود إليكم والحديث لا ينتهي،والذاكرة تختزن كل مايمس الروح القومية والوطنية. الواقع انني لست متخصصة في النقد السينمائي ،ولكنني مهتمة بالمواضيع من حيث اهتمامتي الأدبية،فالمسلسلات التليفزيونية او الأفلام السينمائية،هي في الأصل إنتاج أدبي،وتكمن الأهمية في تقديم النص الذي يتميز بحمولة فكرية،ورسائل يحولها المخرج في صورة متحركة،تكتمل بالمكان والزمان ،والزمان يحمل مؤشرات عديدة تدل عليه،في مجتمع بعينه،وهنا تكمن أهمية الإخراج والسيناريو واللقطات… وهذا يردني لزمن الثمانينات والتحولات السياسية المختلفة وحتى التي تمتح من الدين مسلكا،بالأخص ومال بعض الدول ذات التوجه الديني المتزمت،جعلها تشرف على إنتاج مسلسلات متنوعة،بينما الأفلام العظيمة حول التاريخ الإسلامي،كانت من إنتاج الغرب ! لماذا الأفلام التي تظهر الحضارة الإسلامية كانت غائبة،بينما المسلسلات التي تركز على المرأة من الناحية الجمالية وتكرس وضعية الآمر والمأمور!! وكنت ألاحظ اهتمام بعض المخرجين باللباس وألوانه المختلفة،ليس من الوجهة التاريخية،ولكن من حيث إغراء المرأة العربية بتبنيه؟ لست ضد الفكرة ولكن ضد ماوراء القصد والفكرة ! التاريخ الإسلامي حفظ أسماء لقائدات مسلمات،تنوعت اهتماماتهن وتوجهاتهن،ولكن عندما أتفحص طريقة اللباس وتمشيط الشعر والماكياج بالأخص،أجد أنه ينتقل من العصر الحديث،ليخدم المنقول على الشاشة! كلنا نعلم أن التاريخ يخبرنا مثلا عن العمامة وكانت تُعد تاج العرب،وهناك ما هو متعلق برعاة الغنم في البادية..! المشهد المنقول عبر الصوت والحركة تستقر في ذهن المشاهد البسيط وقد يكون القصد هو رد الفعل الذي يأتي فيما بعد وأحيانا تكون مغالطات تُحدث تحول في الفكر الجماعي الذي ترعاه التوجهات السياسية ولا يخدم مظاهر الحضارة العربية..! المشاهد البسيط الغير متعلم،أو تعليمه يدخل في باب المحدود،يكون ،يستهلك ولا يحلل وبهذا نصنع عقلية القطيع؟طبعا هناك مؤثرات الموسيقى والغناء ومواضيع الحب،التي تلهب العواطف وتحقق المطلوب. بينما أشياء صغيرة وتفاصيل دقيقة تستفز عقلية المتعلم المثقف،ولذلك فهو يحاول ربط المرحلة التاريخية،بكل الجزئيات،من أحداث ولباس وإبداع،وكان الشاعر مثلا هو من يمثل الإعلام قديما وكذلك كتب الفلسفة والأدب…الخ التاريخ العربي لا تُمثله مضارب الصحراء وسيوف الرعاة والشعر المنفوش والوجه القبيح للكفار.. والدليل يوجد في بطون الكتب ولا أدل على هذا موقف النبي صلى الله عليه وسلم عند فتح مكة وموقفه ممن كان من أكبر كفار مكة ( أبو سفيان) . إذا تحدثنا عن حرير الهند والصين،فقد كان لنساء الأغنياء في الحواضر وليس بالبادية. إذا عدنا للحوار واللغة فهناك من رجع لقواميس المرحلة لأجل الحفاظ على جانب مهم من تلك المرحلة،ولكن هناك من كان كل همه إضفاء الصبغة التاريخية،ولكن باستعمال لغة تتركب من مفردات لا ترجع لتلك المرحلة. هناك اهتمام بالرومانسية،دون تركيز على قيم الحق والعدل والصدق والحرية وتقدير المرأة. وهكذا وجدنا شريحة تردد ببغاوية للأساليب التي وردت في تلك المسلسلات،بل وخلقت تقليدا لأشياء كثيرة بدون تمحيص ولا تحليل.