الكاتبة والشاعرة أ.لطيفة الغراس
تتوالى الإصابات وتتوالى أرقام متصاعدة لكورونا في المغرب،ومع ذلك لا زال بعض العامة غير مصدقين لما يقع ! وأحاول أن أشرح للبعض كيف يسكن كورونا في بعض الأجسام،دون أن تبدو إحدى علاماته،وأسباب ذلك،ويعجزني صد هؤلاء للواقع ! لا أدري إن كان ذلك من الجهل،أو الغباء،أو الخوف ؟
كيف نؤمن بتواجد الميكروبات والفيروسات وأنواع البكتريا،وهي تتجول بيننا وأحوالها مثل الطقس،قد ترتفع حرارته وقد تنخفض،ولذلك فقد تغضب وتهاجم أجسامنا،أو تظل متربصة بنا،وكيف لا يؤمن بتواجدها بعض الناس،مع أننا نؤمن بالله من خلال ما خلقه! وقلت لأحدهم:هل تؤمن بتواجد الفيروس حتى يصيبك أو يصيب بعضا من أهلك؟ فسكت.
كنت أنا المكناسية الوافدة على مدينة الخميسات،ووقتها كنت أعتقد أنها مجرد بلدة صغيرة،وكنت كلما أردت التقليل من مكانتها أقول وهل أنا من مدينة كالخميسات،مجرد ممر كبير،كلما توجهت للرباط أقف فقط لتناول ( الكواح المقطوعة بالمقص،لصغر قطعها).
شاءت الأقدار أن أعمل بها وتعرفت عن قرب بسكانها وأحببتهم وبادلوني الحب والاحترام،وذات يوم كنت مضطرة لأصحب ولدي عند الطبيب،وسألت من أحسن طبيب لديكم في هذه المدينة؟ فأشاروا علي بطبيب ما. توجهت إليه فوجدت الحشود بباب العيادة،وتعجبت للأمر وقاومت رغبة النكوص،ودخلت العيادة،وشاهدت أمرا غريبا! كانت الممرضة تصحب بين الحين والآخر خمسة مرضى إلى إحدى الغرف وسألت إحدى المنتظرات،فقالت إنها غرفة الراديو،أي الفحص بالأشعة السينية! تذكرت هذا الأمر وأنا أناقش صانعا لا يعتقد بوجود كورونا19،فقد كان ذاك الطبيب المحتال يؤكد مهارته عن طريق الفحص بالأشعة،ليصدقه المرضى،وبهذا صنع هالة له!!
جاء دوري فدخلت غرفة الفحص وأشار علي الطبيب بالدخول لقاعة الراديو ودخلت وتأملت الآلة فوجدتها غير مشغَّلَة،وكان مجرد فضول مني،فأنا لن أعرض طفلي لأشعة دون حاجة ملحة.
تراجعت وقلت له: لم تسألني عما يشعر به طفلي ولم تقس حرارته ولم تسألني إن كان قبل ستة أشهر قد أجريت له فحصا بالأشعة ؟ وكان الرد بسؤال: هل أنت من نساء التعليم،وعلى وجهه علامة سخرية ؟ فقلت نعم أنا من أطر للأسف جعلتك طبيبا يضحك على الناس البسطاء ويستغل جهلهم،وسحبت طفلي من يده وعدت أدراجي.
وقلت للممرضة ما هذا التلاعب فقالت: هنا إذا لم يقم الطبيب بإيهام المريض بأن الفحص قد تم بالراديو،فلن يقتنع ولن يعود،ولذلك فهو لا يشغل الجهاز!!!
وكنت أعتقد أن التربية والتعليم سفتح عيون الناس،وللأسف بدأت أحوال التعليم العمومي تتدهور،وتغلبت الأمية والجهل وهكذا في زمن كورونا نجد من لا يؤمن أن الفيروسات تعمل في سرية مثل بعض الفاسدين،ولا يمكن رؤيتهم بالعين المجردة وإنما نرى أثرهم…!