أستاذة لطيفة الغراس/مكناس
نرى الناس اليوم قد تباهوا بما تركه الأجداد، وحفروا في الذاكرة المغربية وبين الطقوس التي كانت قد أشرفت على الاندثار، لرفض، أو لرغبة في خلق تاريخ جديد بأدوات تصنع صورا جديدة وتحاول إقناع المغاربة بتركيب إيديولوجي ساعد فيه التزوير بالوسائل التكنولوجية وبأناس صنعوا الأحداث صنعة محكمة، حتى بتنا لا نعرف الحق من الباطل، ولأن أسماء لمعت نستشهد بها وهي قد دخلت لعبة التمويه وتغيير بعض صور الذاكرة من خلال ديماغوجية تحاول بها نزع حضارة امتزج فيها تاريخ الشعوب؟
عندما عقدت فرنسا مع المغرب عقد حماية مثلها مثل كل الدول القوية التي بنت عظمتها من ريع الدول المستعمَرة، وحاولت طمس الهوية وبناء اقتصاد قوي بترويج منتجاتها وأفكارها.
كنت طفلة عندما كنت أسأل والدي رحمه الله( وأنا فرحة بما غزتنا به حضارة أوروبا من طريقة في الأكل واللباس والطقوس) لماذا تصر يا أبي على مواصلة استعمال زيت زيتون في الطبخ والفطور..؟
كان أبي يضحك ويقول: لا أفضل منها، فما يسمى بالزيت الرومية لا فائدة فيها وزيت الزيتون أهميتها نجدها فيي القرءان الكريم. طبل الإعلام وزمرر وهو يحذر المغاربة من الكوليسترول الضار بسبب زيت الزيتون!! وظهر المعمل الأول لصناعة الزيت النباتي المعلبة في قارورات زجاجية !
وذات يوم أراد بعض التجار الإثراء السريع فبدأت عملية الغش وبجهل خطير، حيث استعملت زيوت الطائرات المسروقة وخلطت مع الزيت الرومية ونتج عنها التسمم الذي عرف باسم( بوركاب) لأنه أفقد الناس القدرة على المشي السوي وبعضهم أصيب بالشلل!
وعلمت إذاك أن حرص أبي رحمه الله نجانا من هذا التسمم!
تخلينا نهائيا في أعراسنا وحفلاتنا عن القفطان المغربي وتماهينا مع لباس السهرات الأوروبي وتخلى الناس عن الحديث بالعربية والأمازيغية في قلب جبال الأطلس ليتحدثوا بالفرنسيةوكانت الإدارة الفرنسية قد بنت ثانوية طارق بنية مبيتة لتفرقة المغاربة رافعة كل شعار ضغينة وعنصرية بين من جذوره عربية ومن جذوره فرنسية في وقت كانت مدارس البعثة تقوي هذه النعرة في المدن الكبرى وتعطي المنح للدراسة في فرنسا ولم تكن العملية بريئة من أجل العلم..!
انتقل المغاربة من الدار التقليدية الجميلة المعمار والتي تحافظ على طابع التواضع.
والحق يقال أن الذين حافظوا على الطابع المغربي هم سكان البوادي.
وبعقل راجح ورؤية عميقة للمرحوم الملك الحسن التاني بدأت تدب الحياة في كل أنواع الصناعات التقليدية التي كانت على وشك الاندثار وعاد اللباس التقليدي…
بدأت صور الأميرات باللباس التقليدي تظهر في وسائل الإعلام وعادت الحياة للخياطة التقليدية وصناعة السفايف التي كانت تنسج يدويا من طرف النساء في البيوت،وعادت الأعراس بوهجها المغربي وبكل الطقوس المغربية العتيقة،حتى الجلباب كان قد اختفى لدى فئة الشباب،عاد بقوة وأناقة وتغير الشكل الهندسي للمنازل ذات الطابع الأوروبي إلى شكل أدمجت فيه صنعة المعلم التقليدي في النقش على الخشب وعلى الحجر وعلى الجبص ،فهي تقليدية في أغلبها بالداخل وذات طابع أوروبي بالخارج،عادت الحياة للفروسية التقليدية وفي حفلات سنوية،ومعها عادت صناعة السروج بخيوط ذهبية وبتطريز مغربي أصيل.
عاد الطاجين المغربي كإناء تقديم وتوهجت صناعة الفخار بتقنية يدوية فاخرة بمدن عديدة ومنها مدينة أسفي العريقة وعادت معه كل أواني التقديم العريقة القدم،من طيفور وصينية وطست الفضة لغسل اليدين قبل وبعد الأكل،وعادت الفنون الشعبية وأقيمت مهرجانات متنوعة لها.
عدنا لهويتنا وحافظنا على الازدواجية الحضارية.
هل يمكن اليوم ان نقول اليوم أن حضارتنا لم تمتزج بإرث ضارب في أعماق التاريخ بأنه غير عربي و غير أمازيغي؟ إنه تلاقح الثقافات واختلاط الأعراق. من حاول الشتات سنة 1937، يحاول اليوم بطرق ملتوية ! الحضارة إرث إنساني وكما قلت دائما شارك في بنائها من ضرب حجرا بحجر فاكتشف النار،ومن وضع الحروف ومن اكتشف الصفر ومن سن أول قانون كتب على الحجر ومن اكتشف قانون الجاذبية ومن وضع قانون النسبية ومن أسس علم الكيمياء،ونحن نريد أو يُراد لنا أن نعود لعرق فارسي رضع من الفكر العربي ونظام التعليم ودواوين الترجمة،أو نبحث عن عرق مغربي نبغ بعلم الفضاء لنقول للولايات المتحدة هذا عِلم مغربي لأن العالم غير أمريكي،أو نقول للإرلندي الأصل عد لإيرلندة فأنت لست بأمريكي.. ترهات بنيت على الباطل وديماغوجية تحركها القوى التي تشتت الدول الآمنة..!
مقال قيم يستحق الثناء والتقدير بانوراما شمل الماضي والحضر بحس فني وقلم ناصع استطاعت الكاتبة ان تبث روح الهوية المغربية ليث صبايا وصبيان اليوم يعلمون. ما تعلم الكاتبة