أستاذة لطيفة الغراس/مكناس
بين الباحثة الإسبانية كلارا خانيس ومقال للأديبة لطيفة حليم حول الشاعرة الأمازيغية : مريريدة.
عرفت الأندلس حضارة متقدمة وكما أشار الأديب المفكر محمد الخطابي مشكورا كيف ذكرت الباحثة الكتلانية،أن الكتابة النسائية لا تتحقق إلا في عصر يضمن حرية القول والتعبير….
وعندما قرأت عن أم العلاء بنت يوسف البربرية وهي شاعرة عاشت في القرن الخامس الهجري،تذكرت شاعرة مغنية أمازيغية ،من تساوت كانت تلقي شعرها في جلسة ذكورية وبكل حرية حول الحب حوالي سنة 1926.
كتبت لطيفة حليم مقالها عن مريريدا سنة 2007 في مجلة ميدوزا.
أشارت الأديبة لطيفة حليم إلى اهتمام العلامة محمد الفاسي بالشعر النسائي ونشر بعضا منه:( العروبيات) و( أغاني الكيشات) وكانت هذه الأشعار حول الحب والغواية …
ولكن كما حدث في الأندلس،حدث في المغرب،لم يهتم الدارسون بهذا الشعر كثيرا وأهملوا الكثير من النصوص وهذه المرحلة في المغرب كانت عيون الاستعمار على الأمازيغ وهم مدافعون أشاوس،وتعلم الأمازيغية من طرف الفرنسيين سيمهد لسنة 1948, ولذلك لم أتعجب من الخبر الذي أوردته لطيفة حليم حول ترجمة شعر مريريدا للفرنسية من طرف rené eulage في ديوان : les chansons Berbères
وكان يحضر جلساتها.
لطيفة حليم أثارت في مقالها قضية الجرأة والغواية في شعر مريريدا،وهل هو نوع من تفجير للذات الأنثوية؟
الواقع ومن خلال تأملي الشخصي ومشاهداتي أقول: إن المرأة الأمازيغية كانت تتمتع بحرية كبيرة جدا مقارنة مع العربية. الأمازيغية كنت وأنا صغيرة أنظر إليها بإعجاب وهي تتجول بالهديم بمكناس دون نقاب ولا جلباب،كانت تلبس على الطريقة الرومانية وتجلس في مقاهي لشرب الشاي وأكل الفطائر المغربية المقلية( السفنج).
كانت في الروابي والجبال تتحرك بكل عفوية وعندما بدأت حركة المقاومة ضد الاستعمار ،كان لها قصب السبق وأتذكر كيف كان أبي يحكي عن مناضلات بمريرت وخنيفرة لا يعرفن القراءة ولا الكتابة،ومنهن كانت بعض خلايا حزب الاستقلال في المنطقة. وكذلك كان في المدن . نضال المرأة العربية والأمازيغية لم يُلمّع إذا ما قارنا ذلك بالنسبة للذكور،حتى الأحزاب لا نسمع منهم إشارات لنساء مناضلات نقلن السلاح تحت الملحفات ولباسهن الفضفاض ونقلن الأكل والدواء ونقلن الأخبار!!
إذا قرأنا أشعار عمر بن أبي ربيعة وقرأنا شعر الغزل الفاحش عند امرئ القيس فلماذا نجعل هذا النوع من الأشعار عنوانا للعنة بيع اللذة عند النساء؟
المرأة من جعلها سلعة،عليه أن يسمع منها مأساة الطفولة…
أعود لمقال الأديبة لطيفة حليم وأستعير منها قولها:
هل سفور مريريدا وإلقائها لقصائد عن الحب وجراحاته، هو مواجهة للرجال و
وسيلة لانتصار الذات الأنثوية؟
وصف الناس مريريدا بأنها مجنونة وتقول لطيفة حليم:
لقد اعتاد المؤرخون أن يقرنوا المرأة بالجنون إذا ما امتلكت قوة الخطاب الأدبي بكل حرية.
وأقول :إن التعاسة والشقاء أحيانا إذا ما أفرزت انحرافا،قد يليه الإصابة بعقدة الذنب وقد يؤدي ذلك للجهر بالفحشاء كرد عدواني على مجتمع يحاكم الضحية ويصفق للجزار…
هكذا تعرفت سنة 2007 على مريريدا في مقال لطيفة حليم ولا زالت الكثير من النساء ينشدن في حلقات الذكور ولذلك لا نعرفهن..!