بقلم أ. شاعر و الناقد لطفي عبدالواحد
فوجئت وانا اطلع على ما ينشر عل صفحات المواقع الاجتماعية بمقال صادر على موقع أخبار العالم يتضمن محتوى حوار اذاعي بثته إذاعة تونس الثقافية يوم 5 جوان 2020 كانت أجرته الاعلامية حنان الفرجاني مع الاعلامية إيمان بحرون التي اشتغلت في وقت سابق رئيسة مديرة عامة لمؤسسة التلفزة التونسية في عهد الوزير الاول الأسبق السيد
حمادي الجبالي. في هذا المقال شدتنى بالخصوص دعوة السيدة إيمان إلى الغاء الاحتفال بعيد المراة وتحديدا الاحتفال بالعيد الوطني للمراة التونسية في 13 اوت من كل سنة باعتباره إهانة للمراة – حسب رأيها – وهي دعوة شخصية أحترمها لأنها انبنت على رأي حر لا ينازعها فيه احد في مجتمع يقوم على الحرية وتعدد الاراء و قد عبرت عنها بصريح العبارة بمايلي :
“إن هذا اليوم – وهي تقصد العيد-تهان فيه المرأة ولا تكرم حيث يعد تخصيص يوم لها منتهى الاقصاء والتفرقة الجنسية “وتضيف :” إن تخصيص يوم للاحتفال بالمرأة كجنس يدعم التفرقة بين الجنسين وأدعو إلى تعويضه بعيد عالمي لتغيير العقليات الذكورية التي تقف في الواقع وراء اعتبار المرأة كائنا مكملا “مزينا” وليس قائم الذات يتكامل مع الرجل ”
وكتعليق متواضع مني او رد على هذه الدعوة التي صرحت بها السيدة إيمان في الحصة الاذاعية المذكورة والتسجيل الصوتي موجود على صفحتها. اقول انني مع إعجابي بكل تصريحاتها الاخرى حول المرأة وموقعها في المجتمع ومسألة تحمل المسؤوليات المتقدمة في مواقع القرار أرى أن دعوتها إلى الغاء الاحتفال بعيد المرأة دعوة غريبة تصدر عن امرأة تونسية ومثقفة مسؤولة في مجتمع تونسي آمن بالمرأة وكان سباقا الى إقرار حقوقها ومساواتها بالرجل في كل المجالات منذ الاستقلال واعتراف الدولة الحكيمة بقيادة الزعيم الحبيب بورقيبة بمكانتها والحرص الدائم على مواصلة تنمية دورها الريادي في كل المجالات واعتبر شخصيا ان من يتبنى رأي السيدة إيمان من النساء والرجال على السواء لا ينصف المراة نفسها في مجتمع تقول عنه انه مجتمع لا تزال تطغى عليه العقلية الذكورية ثم انا شخصيا استغرب جدا استعمال عبارة إهانة عند حديثها عن الاحتفال بعيد المرأة فهل يعقل أن يتحول العيد الذي هو مناسبة للاحتفال بمكانة المراة ومكاسبها الى مناسبة وطنية تهان فيه المراة فقط لانها ترى في الاحتفال من زاوية نظرها يوما يدعم التفرقة بين الجنسين.. وللتذكير أقول للسيدة ايمان إن تخصيص عيد وطني للمراة التونسية كان ولا يزال حدثا نبيلا خصص للمراة ولكنه في الحقيقة خصص للمجتمع التونسي برجاله ونسائه ولا بد من استحضار تاريخ إقرار هذا العيد في تونس الحديثة وارتباطه بذكرى إصدار مجلة الاحوال الشخصية التي كان اقرها الزعيم بورقيبة محرر المراة وكانت بحق تتويجا لنضالات اجيال من المناضلين والمناضلات والزعماء والمفكرين وفي مقدمتهم المفكر والمصلح الاجتماعي الكبير الطاهر الحداد. رحمه الله.. في المقابل تدعو الاستاذة إيمان بحرون الى تنظيم يوم عالمي الي جانب عيد وطني في تونس لتغيير العقليات الذكورية وهنا أقول للسيدة ايمان أنا اتفق معك تماما على العمل والنضال من اجل تغيير العقليات الذكورية للمزيد من الارتقاء بوضعية المراة ومكانتها وتحقيق المساوات التامة لها بالرجل على ارض الواقع لا على المستوى التشريعي فحسب لكن تغيير العقليات الذكورية ومحاربتها لا يحتاج في تقديري الى يوم عالمي أو وطني بل الى كل الاوقات وعلى مدار السنة ومن هذا المنطلق يكون الابقاء في تقديري على الاحتفال بالعيد الوطني وكذلك العالمي للمراة مكسبا نحتاج الي المحافظة عليه ومناسبة من المناسبات لمعالجة هذه العقليات الذكورية التي تحدثت عنها وركزت عليها حتى لا تكون عائقا امام تقدم المراة في مجتمعنا التونسي الذي يروم المتطرفون وخاصة المتجلببون بجلباب الدين والدين براء منهم ومن ادعاءاتهم تغيير نموذجه الحداثي والعودة بالمراة الي المكانة المتخلفة وتعطيل مسيرة تقدمها ومشاركتها العظيمة والمتقدمة في شتى مجالات التنمية.
ختاما ومع تقديري الكبير للاعلامية إيمان بحرون لمواقفها التقدمية من المراة عموما والمرأة التونسية خصوصا أرجو ان نبتعد جميعا نساء ورجالا في تونس العظيمة وفي كل ربوع وطننا الجميل عن هذه الدعوة لالغاء العيد الوطني للمرأة لانه عيد للمجتمع التونسي فيه تكريم دائم للمراة وتذكير باعمالها الجبارة وتعظيم لشانها ومنزلتها وليس إهانة ولانه أيضا عيد لمواجهة اعداء المراة ومقاومة كل اشكال التمييز والتفرقة بين الجنسين.التي يدعون اليها ويحرصون على الدعوة إليها وكل عام وتونس المرأة والرجل معا بخير وفي تقدم نحو الأفضل والأجمل..