الدكتورة لطيفة حليم العلوي / مونتريال كندا
نجاة الكاضي/ فرنسا
نجاة كاضي فرنسية من أصل مغربي، شاعرة و روائية وناشطة جمعوية، تهتم بقضية المرأة المغربية المقيمة في فرنسا صدرت لها رواية ” محطات من حياة مهاجرة “.
سحبت في 104 ورقة من الحجم المتوسط
تنقسم الرواية إلى 14 محطات. الشخصية الرئيسية في هذه المحطات هي ” سعيدة ” التي ترد تقريبا في كل صفحة في هذه الرواية. والغرض من هذا التكرار هو حضور المرأة المهاجرة في فرنسا و انبهارها بالمرأة الأجنبية. ” …تلك السيدة كم هي قوية تعطي الأوامر لكل من حولها حتى الرجال” ص 22 .سيدة شقراء جميلة المحيى ” لا اسم لها ص 38
الشخصية الأساسية قاسم .مع حضور شخصيات ذكورية منهم الحاج إبراهيم ، الحاج محمد، الحاج بو شعيب، عمر، تضفي الساردة على هؤلاء الشخوص صبغة القداسة. وهذا يتعارض مع”فالطبيب ذكر وفرنسي “- لا اسم له -تواجهه السيدة سعيدة ” كيف لها أن تخلع ملابسها في حضرة هذا الرجل الغريب” ص 12.
…
تراهن الروائية المغربية نجاة كاضي على طرح جديد لم يسبق لروائيين تناوله بهذا الشكل الأنثوي الفاحص والفاضح ، فيما يخص هجرة المرأة الغير المتعلمة البدوية. متحرية الواقع حيث تحدد اليوم والشهر والسنة04 يناير 1999 ، هذا التوثيق له دلالته الخاصة ، مما يجعل الرواية حقلاً خصباً لقراء يهتمون بقضية الهجرة في بعدها السوسيولوجي والأنثوي الذي يتضح من العنوان الموسوم ” محطات من حياة مهاجرة ” . هذا الاهتمام بفكرنة الواقع يندر التعرض له بهذه الدقة الواضحة. التي تجعل القارئ -ة- ينجذب إلى قضية إنسانية عوض المبالغة في المتعة الفنية المنمقة والمفتعلة. الغرض من هذا الطرح عند الروائية هو اقتحام فضاء سرد جديد، حيث تستعين بقطع تقريرية في معظم منجزها الروائي مع قلة المشاهد والأحداث ، مما يجعل القارء-ة- يلهث وراء القضايا الحساسة عوض جمالية السرد ، ويقترب من قضية إنسانية وهي هجرة المرأة الغير المتعلمة البدوية إلى البلد الآخر.
الساردة تملك مرجعية زاخرة حول قضايا المرأة المهاجرة تصوغها بذكاء وأناقة دقيقة، بأسلوب سلس جميل دون التواء . الغلاف الزمني في بعض السرودات يتخد مساحة قصيرة في مثل ” طنجة و الجزيرات” ص 21 لم تستغرق المساحة السردية إلا جملة قصيرة ” لم يتنفس الزوجان الصعداء إلا بعدما أخذا الطريق السيار إلى اسبانيا” ص 21 ، ” هانحن وصلنا للحدود الفرنسية ” ص 22. ” ها نحن قد وصلنا ، الحمد لله على سلامتنا” ص 23.
جمالية السرد تختفي في التعارض القائم بين ” آن”المدينة الفرنسية و ” القرية المغربية ” ص 23
يتضح لنا التناقص بين صفحة 23 ” لم يكن هناك أي احد لاستقبالها ، لا نساء ولا أطفال ولا شيوخ ” ص 23 ، ” وسط مجموعة من نساء القرية ” ص 15 الصفحة الأولى “، وهي التفاتة سردية جميلة تعطي السرد واقعيته حيث يحضر صوت الكاتبة التي تستحضر الفواق الاجتماعية بين المغرب وفرنسا من خلال البطلة ” سعيدة” التي تتحرك عبر صفحات السرد مع صوت الروائية العالمة بكل شيء والتي تتغلغل في نفسية سعيدة وتتجسس على مشاعرها.السفر سيكون طويلا يتطلب أكثر من ثلاثين ساعة للوصول إلى آرل الفرنسية وهي من أجمل المدن الجنوبية تتعدى مساحتها 9 ,758 كلم مربع…” ص 16
الحوار بين قاسم الزوج من طرفسعيدة الزوجة خافت. وهذا له أثره على بنية النص السردي، حيث يدل على قمع الرجل للمرأة المتمثل في انعدام الحوار، الذي تتعمده الساردة فهي “تسمع “ص 21 لكن لا تحاور . الروائية تظهر تعجب ” سعيدة” لا تحاور ” تطرح الأسئلة على زوجها ” ص 22
السارة تدلي بحقائق تاريخية أن المعلومات التي يتبناها قاسم هي حصيلة مرجعية تاريخية لأحد الطلبة المغاربة ” رافقه ذات سفرة إلى المغرب” . مثل هذا البوح الصريح يدل على التفاعل الثقافي بين متعلم وجاهل. تنتقل الثقافة الشفهية من طالب إلى عامل .الطريق مؤشر للمنفعة والتذكر. ” الامازيغ والعرب المسلمين وأمجادهم في هذه المنطقة الجميلة” ص 21 ” من إقليم الأندلس”.
طرد الذات الفاعلة داخل النص السردي، يعطي لرواية نكهتها الخاصة ومزاجها الاستثنائي يتضح لنا ذلك من خلال الحوار القائم بين سعيدة وقاسم ” – الحمد لله كنت سأموت خوفا الم يكن من الأحسن أن نصعد إلى البيت عبر الدرج؟ ” ص 24 “- لا يمكن نحن في الطابق الرابع ”
التيمة الأساسية التي تراهن عليها السارة هم الانتقال من الجنوب إلى الشمال من الجهل التعلم من الفقر الى الغنى..من إلى.
الصفحة الأولى ، 7.
” اليوم الرابع من شهر يناير ألف وتسعمائة وتسعون. توصلت سعيدة إحدى سيدات القرية الموجودة بين أحضان سهل الغرب، برسالة تثبت قبولها للالتحاق بزوجها المهاجر بفرنسا. وهي ما تسمى بشهادة التجمع العائلي أو – الشمل- الذي ينص عليه الفصل الرابع من قانون دخول وإقامة الأجانب.”
هذه المفاتحة هي ملخص الرواية، حيث نتعرف منذ الصفحة الأولى على الشخصية المحورية وهي ” سعيدة . ص 7. التي يتكرر اسمها في كل الصفحات تقريبا . لغرض تقصده السارة مع شخوص روائية ثانوية نسائية من المغرب والجزائر وفرنسا.
سعيدة ص 7 .فاطمة ص .30هي سعيدة.سارة ص 51.سليمة ص 59.خدوج ص 61.السيدة ليندا ص 84.إلهام ص 97.”مرشدة متخصصة في حقوق المرأة” ص67
الاهتمام بالمرأة المغربية المهاجرة إلى فرنسا يرد على لسان المرشدة إلهام
“- نحن هنا اليوم من أجلكن من اجل حقوقكن ، فالسلطات الفرنسية تسعى لمكافحة عدم المساواة التي تصيب المرأة بصفة عامة والمهاجرة بصفة خاصة في مجالات متعددة. لذا نحاول أن نقربكن من حقوقكن في فرنسا، وكذا إخباركن بالفرق بين القانون الفرنسي وبين قانون بلدكم الأم. “ص 98
التحول يتحقق على مستوى اللباس
” كانت فاطمة جد سعيدة بملابسها رغم رفض زوجها لأن تلبسها خارج التكوين ، لقد علمت من بعض النساء أن البداية تكوم بالرفض من الأزواج ومع الأيام والسنين يصبح الأمر عاديا بالنسبة لجل الرافضين والرفض قد لا يشبه اللباس فقط بل لكل ما يجعل المرأة في طريق التحرر. ص 104
تعليم المرأة المهاجرة
” …فما زال أمامها الشهور الستة للتعلم صباحا مساء إن لم تصبح سنة بأكملها .” ص 104
الإرسالية التي تريد الكاتبة أن تبلغها للقارئ-ة-، تتمثل في شخصية سعيدة،المرأة غير المتعلمة البدوية،المهاجرة بفرنسا، إلا أن هذا الوعاء الأدبي المتمثل في جنس الرواية، يحتاج إلى مصهر إبداعي قوي يمكن بموجبه إذابة كل الموضوعات التي تعيشها المرأة غير المتعلمة البدوية في فرنسا. ومع ذلك استطاعت الكاتبة أن تواجه بشجاعة طرق موضوع بكر استعصى على الكثير من الروائيين ولوجه . الشكر للكاتبة نجاة الكاضي في السبق لتأريخ بداية الكتابة النسائية المغربية عن أدب المهجر في فرنسا باللغة العربية.