الكاتبة آيات عبد المنعم / القاهرة مصر
وقعتْ في حُنجرةِ القـلبِ ثمرةُ أناناس بـطعمِ البارود، وتلحفتْ رُوحي بجلدِ أُنثىٰ الفيل حاولتُ أنْ أختبئ في رحمها أضمُّ جنينها المُحترق أقدِّم واجب العزاء لكنَّني فشلت!
كيف أُبرّر لها إثمَ الطّين الكافر حين لا يرقىٰ أن يكون “خليفة اللّٰه” وأغضُّ الطّرف عن سؤال الملائكة.
لم أقدرْ أنْ أُقنعها بأنّ هذا الحدث العبثيّ عابرٌ في تاريخ البشريّة، ولا أدري إلى متىٰ سيظلُّ قابيل يحكم العالم يسفِكُ الدَّمَ الأحمر أيّا كان.
ففي هذا العام قام صيادون في كينيا بقتلِ آخر زرافة بيضاء وعجلها على سطح كوكبِ الأرض، وفي الّذي سبقَهُ مات “سودان” وحيد القرن الأبيض الذّكر وغدا الانقراض هو المشهد الأخير لهذا النوع.
ناهيك عن مجازر تجارة العاج التي كادت أنْ تتسبّب بالقضاء على كلِّ الفيلة، فما أقبحَ أن ينحصر عقل الإنسان في بؤبؤ عينه، ولا يرى فائدة لهذا المخلوق الضخم إلاّ نابه ويرمي بعرض الحائط كل التّوازن البيئيّ من أجلِ العاج تلك المادة الثّمينة الباهظة كالذّهب يُصنع منها مفاتيح البيانو الفاخرة وكرات البلياردو والكثير من التّحف وأدوات الزّينة بل حتّىٰ مسابح الصّلاة.
لم أستطعْ فهم تلك العلاقة الشّاذّة بين الإبداع والتّوحّش وعاد لذهني السّؤال الفلسفيّ عن علاقة الفنّ بالأخلاق،
هل سيغدو مثلاً عزف لحن موسيقى الموت أجمل على أنياب الفيلة، أم كيف يقترن ذكر الرَّحمن بحبّات عاج مصنوعة من جثّةِ فيل مغدور!
حادثة مقتل الفيل الأخيرة في الهند بهذه الطّريقة البشعة لم تكن على غرار الصّيد التّجاري الجائر إلاّ أنَّها فتحت شجون ما صنعتهُ البشريّة بحقِّ من يُشاطرُها الحياة على هذا الكوكب، وضاهت تراجيديا سينما بوليود وهوليود الّلتان تُصدِّران في معظمِ أعمالهما صورة بطل دمويّ عنيف يُؤمن بأنَّ البقاء للأقوىٰ تغويه الشُّهرة وإنْ كان ثوبها التَّفرَّد في الشَّرّ.
كلُّ ما فات وما يحدث في واقعنا الآن يدعونا لقراءة طُغيان النَّظرة الماديّة الصِّرفة بما تحملُ من غرائز وشهوة خالية من معاني القيم الأخلاقيّة الرُّوحيّة الّتي من دونها الإنسان يغدو أقل من البهائم وأشرس من الشياطين.
سيكون الخلاص حينَ تحمِلُ الكتب المقدّسة يدٌ طاهرةٌ رُوحها فِداء المُتعبين وَشمت علىٰ جَبهتِها آية السّماء “طُوبَـى لِلْوُدَعَاءِ، لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ” (إنجيل متى 5: 5).
القاهرة ٧/ ٦/ ٢٠٢٠