بقلم: عمر ح الدريسي / باحث، كاتب وشاعر / المغرب
سلامٌ من الواقفين..
من الشَّاردين على شواطئ مَوَاقِد صَقِيع الفُؤَاد
الغَارقين بين أمواج بحر الأسئلة
الّذين أنهكهم صَبر الصّبر
أتعبهم تَوالي فُـقدان الأمل بِـتِكرار أزمِنة عُقم الانتظار..
سلامٌ على الّذين ترجَّلُوا بِلا سبب
وسلامٌ على الّذين رحلُوا بِلا اسْـتـئذان
يَحْمِلون جُملاً إِسْـتِـفهاميةً بِـ “لِمَا” و “لِمَاذا”
تَرجّلوا ولا نعرف، كيف حدث، ولماذا حدث
ورحَلُوا وتركُونا نتساءَل
وزادُوا أوْرَثُـونا السؤال أكثر وأكثر..
فسلامٌ على الّذين فقدُوا صِحّة قُلوبهم، بِثِقل السّؤال، عن حُسن رَوِيّة
وسلامٌ على الّذين يبتسمُون في الضُّحى
و يُموّهُون على الغُيوم كُلّ مساء
ويُخْفُون هُطول المطر وَقْتِ الدُّجى
يَـتحدثـون لِـوَسائِدِهم بلغة الصّمت
ويُخاصِمون مَطارِحهم لِقَمْعِهم كلّ مساءٍ حُرّية الشّهيق الخَافِت
وفي خُلوة مُنتصف الليل، تـتبلّل وَجْـنَـتَاهُم بسلسبيل رُذاذ رُموشهم
كما تـتبلّل ليلاً، أواخِر الخريف والشتاء، كلّ الفسائل والأغصان
وينهضون في الصباح، كأنّهم جُنودًا بَاتوا هَلُوعِـين
يحرسُون في ظُـلمات الليل إحدى الثغور على جبهة القتال
وعند الفجر، اِنْـفـكُّوا مِن كمينٍ لِلْعَدُو
وقبل لِقاء أَيّ شخصٍ
يُحاولون الإنْصات إلى شَدوِ العصافير قَـبل التّوجه رأسًا للحمَّام
يُحاولون، كالمُقاتل المُنتصر، إخفاء نُدوب المعركة الخَاسِرة..
فسلامٌ لقلوبٍ أَرْهـقـتْهَا رِيَاح الحُزن
فَخَرَّتْ قهرًا
وغَرِقَـت في عَـرض البحر
كَمَا البَحَّار وهو يُصارع عُباب الأمواج
يَغـْرِق وهو يُحاول تحت صقيع النِّسيان
أَنْ يُخفي بُخار جمرِ ندفِ حرارةِ الدّموع..؟!
فسلامٌ على كل مَنْسِيٍّ؛
حَاضِرٌ بين النّبض والنّبض
وسلامٌ على كل دمعةِ حُزن وُضعت قسرًا
وكلّ دمعةِ امتصتها مواقد صقيع الفؤاد
وكلّ موج صدر حَمّلته العواصف ما لا يشتهيه مَرج القلب
وكل زفير لم يستطب راحة الدّفئ ما بين الخدّ والوِسادة..
… !!
ADVERTISEMENT