محمّد الزّواري ـ صفاقس ـ تونس
عتّقت في طين الجرار قصيدي *** و سكبته قدحا لنبض وريدي
ثمّ اصطفيت الكتب ندمانا على *** نخب الحروف يردّدون نشيدي
و جعلت قافية القصيدة ساقيا *** تسقي و أدعوها بربّك زيدي
فأنا غدوت بفضلها متنبّئا *** في مجلس الشّعراء و الإخشيدي
و أنا زهير قد نطقت بحكمة *** أحيا بفكر ثاقب و سديد
و أنا هو الحلاّج في كلماته *** تسمو و ترقى فكرة التّوحيد
و أنا الحطيئة في هجائي مخلص *** فأذمّ كلّ منافق و عنيد
و أنا جميل قد سباني حبّها *** فغرقت في بحر من التّسهيد
و أقول أحيانا أنا ابن ربيعة *** فأنا أجيد تغزّلي بالغيد
و أبو العتاهية الحكيم بزهده *** هو صاحبي يملي عليّ قصيدي
يمضي المساء فأحتفي بمشاعري *** و أصير نابغة و صوت لبيد
فإذا استفاق الصّبح من بعد الدّجى *** أصحو فألقاني بغير رصيد
هذا أنا من قال إنّي عنتر *** من قال إنّي شاعر في البيد
و أظلّ أنظر في دفاتر شاشتي *** فأرى المآسي قد طغت ببريدي
كون يدمّر و الشّعوب جريحة *** و الجرح قد أمسى بلا تضميد
و الحزن قد لفّ الحياة و سحرها *** و غدا الضّباب يلفّ يوم العيد
يا شعر قل لي هل دروبك وعرة *** أم أنّ أرصفتي بلا تمهيد
يا شعر قل لي هل أخطّ هزيمتي *** أم أنتشي بالنّصر والتّشييد
هل أملأ الأوراق دمعا يانعا *** أم أملأ الأوراق بالتّغريد
هل أقتفي من قال هذا وعدنا *** أم أقتفي من قال ذاك وعيدي
أ قصيدتي عودي و جرحي ضمّدي *** طوفي بأقداح تردّ نشيدي
و دعي نبيذ الشّعر يكتم سرّنا *** و يحفّنا بالفخر و التّمجيد