الكاتب ناصر ابوحيمد “الفينيق”
التفت اليه الطيف الغريب على اثر صوت خطواته. تجمد من الخوف و هو يرى ملامح رجلا عجوزا مرتديا ثوبا ناصع البياض يمسك بيده عصاة و باليد الاخرى سراجا من النور.
تخيل له بأنه يرى شبحا من الاشباح. تسارعت دقات قلبه و حاول الفرار دون ان يملك القدرة على الحركة. حاول ان يصرخ ولكن انفاسه المتسارعه لم تساعده. وفجأة استمع الى صوت يأتيه من مكان سحيق:
“ماذا تفعل في هذا المكان في هذه الساعة من الليل؟”
ابتلع ريقه في ضيق و استرخى بعد ان تبين له ان الزائر من البشر و ليس شبحا فتمالك نفسه و اعتدل في وقوفه ليجيب الرجل قائلا في حده:
“ومن تكون انت لتسألني؟”
لم يرد عليه الرجل العجوز بل عاد الى وجهته حيث شجرة القمر. اتخذ مكانا قريبا من الشجر ثم جلس.
تتبعه في نظراته ثم اقترب منه متسائلا في نفسه من يكون هذا الرجل. جلس في مكان ليس بعيدا عنه و قد تخلص من ذلك الشعور بالخوف بعد ان كاد ان يفقد ما تبقى له من عقل.
التفت اليه العجوز و قال:
“انا كنت اقيم في منزل قريب من هذا المكان ثم هاجرت الى بلد اخر لاكثر من خمسين عاما قبل ان اعود اليوم الى موطني و قد كنت في زمن ما اتي الى هذا المكان كثيرا في هذه الساعة من الليل عندما يصبح القمر بدرا و يجاور هذه الشجرة”
استغرب المشدوه ماقاله الرجل العجوز و تملكه الفضول ليعرف قصته. ربما كان يعشق زهرة نيسان اخرى مثل حبيبته و لم تجمع بينهما الايام فاضطر لان يهاجر لهذا السبب.
ولكنه ضحك وقال في قرارة نفسه بانه لايمكن ان تكون هناك زهرة نيسان اخرى غير حبيبته و لا يمكن ايضا ان يكون هناك حبيب عاشق اخر غيره و لابد ان هناك سبب اخر لارتباط العجوز في هذا المكان.