للكاتب ناصر ابوحيمد
توقف الرجل العجوز عن الحديث وقد احترم المشدوه صمته ونظر باتجاه القمر الممتلئ وكأنه يناجيه ان يحمله اليه. كانت ليلة جميلة مضيئة فشعر المشدوه أيضا بتسلل لحظات من الصمت والتأمل.
نظر باتجاه الشجرة يفكر بما حدث مع الرجل العجوز بعد ذلك الموقف الذي قلب عليه جميع مواجعه ونثر جميع أوراقه، فلقاء الحبيب بعد مرور سنوات من الفراق هو صرخة تحمل كافة معاني التمني والندم والحزن والفرح وغيرها من المشاعر المختلطة، والامر الأشد تعقيدا هو ما قد تحلم به أن يحدث بعد ذلك وهل ستستطيع التمسك في ذلك الإحساس وإبقاء ذلك الحبيب بجانبك وذلك الفضول بأن تعرف الصغيرة والكبيرة بما حدث معه خلال فترة غيابه واختفائه من حياتك.
كسر الرجل العجوز حاجز الصمت فقال:
“لقد جئت الى هنا الى تلك الشجرة وليتني لم آت فقد وجدت ما لا أتوقعه في انتظاري”
” لقد سبقتني حبيبتي الى هنا وتركت لي خطابا مع وردة تحمل لمساتها ورائحة عطرها في نفس المكان الذي كنا نتبادل فيه رسائل الحب تحمل كلمات لا نستطيع البوح بها لبعض جهارة”
“لقد كانت أصابعي ترتجف وانا أحاول أن افتح تلك الرسالة وكان شعور غريب يخالجني متمنياً أن تعيدني كلمات تلك الرسالة الى أحضان حبيبتي وأن لا تكون دعوة جديدة لنسيانها. كان في داخلي اعصاراً من التردد في قراءتها يقاوم اعصارا من الرغبة في ذلك.
“حبيبي، كانت تلك أولى الكلمات، لا يمكن أن اعبر عن مدى اشتياقي إليك. لم أستطع أن أمنع ذلك الجرف الهائل من المشاعر الذي تدفق داخلي عندما رأيتك، لقد أحسست بأن السنوات تعود وعادت إلي جميع لحظات الحب والهيام وليالي الشوق اليك واحلامي في السقوط في أخر خطوات ليلي في أحضانك. لقد ترددت وحاولت كثيرا أن امنع نفسي من العودة الى منزل أسرتك حتى لا أفقد صوابي هذه المرة وأرتمي في أحضانك دون أن أعي ما أفعل”
“توقفت هنا عن قراءة المتبقي من الرسالة فقد تساقطت دموعي وجلست أجهش في بكاء ونحيب صامت”