بقلم آيات عبد المنعم/القاهرة مصر
تمدَّدتْ علىٰ سريرها المُكتظّ بريشِ النَّعام بعدَ أنْ أخذتْ قسطًا كافيًا من دلال الماء المُعطَّر بأرقىٰ العطور الباريسيّة، حاولتْ أنْ تُقاوم صورةَ حبيبها السَّابق التي اِحْتَشدتْ في سقفِ الغُرفة بعيونهِ المَليئة بعتبِ الخُذلان لقد تركتهُ لأنَّ قلبَهُ ثريٌ بالحبِّ، وجيبَ معطفهِ فقيرٌ بائسُ الحال كأيِّ شابٍّ طموحٍ مُكافح تخرّجَ حديثًا، وبدأ رحلة الرّزق الحلال، لم تنتظرهُ فضّلتْ أن تُصغي لكلام والداتها “ما يعيب الراجل إلاّ جيبهُ”.
ما كان يغسلُ شعورها بالذنب أنَّها غدت زوجة رئيس أكبر الشَّركات الرَّأسمالية في العاصمة، كانت تشعرُ أنَّها ملكة تحظىٰ بصلاحيّات اقتصاديّة لا متناهية، وشعور بالأمان المادّيّ، وكأنَّ رصيد حِسابها في البنك يحوي مُلكَ قارون.
تدخلُ علىٰ أيِّ محلٍّ تشتري ما يحلو لها من الحقائب والملابس الفاخرة تجوب الأرضَ طولًا وعرضًا.
الكلُّ يحسدها علىٰ السَّعادة التي تشعُّ من ابتسامتها الهوليوديّة النَّاصعة البياض، همْ يرونها أسعد مخلوق علىٰ هذا الكوكب، وهيَ كانت تظنّ ذلك، إلىٰ أن بدأ الطّفل الذي بداخلها يشبعُ من الحلوى والدُّمىٰ المُبعثرة؛ وباتَتْ ريحُ ثورةٍ ما تتسلَّلُ إلىٰ رُوحها، وتنتفض حين ترىٰ كيف زوجها يختار الموظّفات في مؤسساته التجاريّة حسب المواصفات والمقايس الجماليّة العالميّة، وكأنَّ تجارة الرقِّ الأبيض عادت بثوبٍ جديد.
أدركتْ أنَّهُ لم يكن يحترم النساء ولا حتىٰ هيَ، لقد تزوجها فقط لأنَّهُ كان يُريد قارورة شَريفة يضع فيها نطفتهُ المُقدّسة.
في آخرِ لقاءٍ زوجيٍّ بينهما أتاها مُشتاقًا بعد سفرهِ لمدّةِ شهر في أوربا، اقتربَ منها وكانتْ رائحةُ العُود الشرقيّ تَخنِقُها، وعلىٰ شفتيها تنتحرُ ألفُ جاريةٍ مسبيّة أهداها قُبلةَ عميقة كالموتِ الأحمر، ولم ينتبه حتَّىٰ لذبولِ جفنِ عَينيها وجَسدِها البَارد..