الأستاذة: سوزان سامي جميل
أربعة نساء افترشن الأرض في باحة البيت أمام نعش ملفوف بعلم أسود وعليه صورة رجل خمسيني. كلهن كن يندبن بحرقة حتى يصعب على المرء أن يتعرف على مكانتهن في حياته. احداهن أمسكت بالعلم وقبلته، الثانية احتضنت النعش، تريدهم أن يدفنوها معه والثالثة ارتدت قميصا له وجلست تستنشق عطره بعمق أما الرابعة فكانت تهذي وتنظر بعينين حائرتين حولها. تقدمت منهن امرأة لم يأخذ الزمن كثيراً من جمالها، دارت حولهن وهي ترميهن بنظرات لم يفهمن معناها. سكبت من زجاجة عطر في يدها قطرات على النعش وغنت أغنيته المفضلة. صوتها اخترق أجواءً بعيدة من الحلم، حوّل كل حقيقة إلى خيال، تفاعل مع التراب والشمس والهواء. انفتح باب النعش فجأة، وقف الميت على قدميه الملفوفتين، صرخت النسوة الأربعة، غبن عن الوعي. تقدمت المرأة الخامسة منه، فتحت الكفن، ظهر جسدهُ الأبيض الدافئ، لفعته بعباءتها، عبرا الباحة نحو الباب وهناك اختفيا. تعرفت إليها المرأة الأولى بعد صحوتها، قالت: “اللهم اجعله خيراً، رأيت في المنام أن جارتنا التي انتحرت حرقاً قبل عشرين عاماً جاءت لتأخذ ابني، بعيد الشر عنه، وهو في الكفن، تفو، لعنة على الشيطان”. قالت الثانية: “بعيد الشر عن أخي” الثالثة قالت: “هل كان زوجي يحبها كما أحبته هي؟” الرابعة قالت: “أي امرأة تعرف أبي لابد أن تحبه وتنتحر حباً من أجله