ذ. الكاتبة والشاعرة نسيمة الهادي اللجمي / تونس
اللهم ارحم والدي ووالدتي وأمَتَك السيدة السافي وجميع أموات المسلمين.. . ودعائي هذا يطول
لكي يشمل كل الدعوات الطيبات ..
هذا ما أفعله كثيرا خلال نهاري وليلي…
أما السيدة السافي فلم أرها قط في حياتي إنها أخت من الفيس و كانت وفية لكتاباتي تعلق بكل عفوية و صدق وكانت كلماتها الرقيقة تخترق قلبي بدون استئذان تحدث فيه فرحا وشعورا من الارتياح ومشاعر أخرى جميلة .
ذات يوم وجدتها تعلق على إحدى كتاباتي بقولها :
” ادعي لي يا أختي أنا سأذهب لفرنسا لأخضع إلى عملية جراحية ” وانقبض قلبي وليس من طبع قلبي أن يستوحش إلى هذا الحد فأنا والأمل صديقان مخلصان إن لم يتحقق فهو يترك لي صداه كي أتتبع خطاه.
و من طبعي أن لا أبادر بمخاطبة أي شخص ..لا في الفيس ولا في الواقع ولعله طبع سيء والكمال لله وللرسول…لكن كلام السيدة أحزنني وشعرت بالخوف عليها وشعرت أيضا بخوفها فتعليقها في ذلك اليوم كان أشبه بالاستغاثة. ..فقررت أن أكلم الأخت سيدة ..
أرسلت لها رسالة أقول فيها ما لم أقله أبدا لأحد
كتبت : ” السلام عليكم هل يمكنني أن أكلمك صوتا لما يسمح وقتك ”
وطلبتني سيدة في نفس اللحظة …وبدأت كلامها بأن أثنت علي قائلة ” لأول مرة يستأذنني أحد قبل أن يطلب ..” وواصلت ثناءها ..وسألتها عن صحتها فحدثتني عن مرضها
وهنا فعلا شعرت بالألم يعصف بروحي …
سيدة مريضة جدا والمرض في مرحلة متأخرة جدا …لكن سيدة عندها أمل كبير في الشفاء نظرا لثقتها بأطباء فرنسا بعد أن كانت لها قصة مع عياداتنا هنا وأخبرتني بكل حسرة أنها قد أنفقت كل ما تملك ولم تشف.. وأعلمتها أني سأزور ابني قريبا في فرنسا في خلال ما هي متواجدة هناك
سعدت سيدة بالخبر وقالت لي “إذا نلتقي في فرنسا”
قلت “أجل ” واتفقنا على اللقاء.
ومن فرنسا تواصلنا عبر الرسائل المكتوبة خلال نصف شهر كانت فيه تقيم في بيت ابنها في حين ما كان ابنها بصدد إعداد الوثائق الضرورية للعلاج
وبعد العملية كتبت لي سيدة ” رسالة قصيرة تقول
” لقد نجحت العملية”
سعدت للخبر ولكن خوفي عليها لم يتوقف لأني أدرك جيدا وأعرف عن خطر حالتها ما يحجبه عنها تشبثها بالحياة.
وكنت أطلب منها أن لا تكتب كثيرا مراعاة لحالتها الصحية
وطلبت منها أن تكتب لي رسالة واحدة كلما استطاعت ذلك
بعد أيام جاءتني رسالة منها تقول إن المرض انتقل إلى الرأس ومنه إلى إحدى عينيها. يومها قالت لي ” لقد أفقدني المرض عيني لكن الأطباء وعدوني بتعويضها ” كانت تتكلم بأمل كبير وكان نفس الأمل قد خذلني لقد رحل الأمل هذه المرة ولم يترك لي حتى الصدى…حزنت من أجل سيدة و تألمت وبكيت..
كنت يومعا تحت هول الصدمة أرجوها أن تتوقف عن الكتابة لكي لا تتعب وتتعمر حالتها .. كنت في البعد ورغم المسافات أحس بعناءها وهي تكتب لي عبر الهاتف. .. كنت أشعر أني أسبب لها عناء الكتابة وأنني على الأقل وأنا لا أقدم لها شيئا بسبب البعد لا يجب أن أزيد من ألمها ..كنت أراها بعين قلبي ..وأتمنى أن أذود عنها الوجع … وكم هو العجز قهر موجع..
وصرت أطل على صفحتها باستمرار وأتفقد الميسنجر ولكن لا حياة في كلتيهما …وأهم أن أكتب لها فأخشى أن أسبب لها الحرج والتعب لما ترد على رسالتي فأتراجع…
ومرت أيام وأنا أنتظر أن تكتب لي سيدة ..وشعرت بسكون غريب في صفحتها… وأحسست بقلق كبير وأما خوفي فقد تضاعف وزاد هاجسي …
وتوجهت لصفحتها فصفعني خبر موتها في آخر منشور نشرته ابنتها…
كان حزني شديدا على أخت في الله دخلت قلبي بيسر شديد ولن تخرج منه أبدا ..
هذه قصتي مع سيدة ….رحمها الله وغفر لها وكتب لها الجنة بدون حساب ولا عقاب.