الناقد والباحث الأكاديمي أ.عبدالله علي شبلي.
هو السحر نفسه، هو الركن ذاته، هناك حيث تعتقت قهوته مساء .
هاهي اللحطة لا تعترف بغير التعتق من جديد ، وكما فعلت ذات زمن، أبت إلا أن تختمر في صباح أثير، والنغمات تغازل يانسون الشام، تشدو فيروز تطلب قمرا متعالٍ لا ينال، كما الصفصاف والزيتون، وحب مجنون لا ينتهي بغير حرف النون، والحرف ينساب سلسا يافعاً يا سيدتي، وكأنه لا ينبع إلا من ترصيف ايقاعات همسك القادم من بعيد ، والقريض غضا طريا يروي عروقا يبسى كلسها تمدن وتصلدت أحجار حسها، أرمق عينيك منارات بريقٍ تشع خلف لوحات الفضاء وأنت في كامل المشمش ما غادرت….
مايزال عشقي للمكان أثيرا، يعشش حب القهوة مرة، لا يحليها غير حرف ضاد عربي متمنع، كما أنتِ عربيةً بعيدة مهوى القرط نؤوم الضحى.
هنا الركن، هنا تفاصيلك، رتيبك يأسرني ويحرسني.
هنا الركن وأنا هنا أيضاً منزوٍ ، أقطّر نبيذ الحرف، يرويه العشق مفلتراً من معين لا ينضب، فيسيح مجذوبا بين جنبات الأوراق، ضيفاً مكرماً ، بل عريساً مرفوعاً على الكواهل يغدو، يزدان بخضرة يانعة، وعبق اللون والريشة يسقيه ضياءً ونورا، وجد وفناء على ترانيم نغمات تسكن الأوصال، تخترقني حتى لا تترك للسأم مكاناً للافتراش ولا موضعا معتاداً للافتراس.
هنا الجس والنبض وحده، والافتحاص عندي يغدو مطية، والاختمار بغية، لا، لا، لن أغادر بحبوحتي إلا وأنا محمل بأعباء القريض، ومتاعب الترصيف والترشيق، سأمتص مباهج الحرف وحدي مكتَنزاً ومُكنّساً، ولن أتركها أبداً لصدفة أو صدقة، أعدكم وحد حرٍ ، لا ولن أدعها لأحد، حتى أغدو لها سيداً متملكا، أوزعها على غيري على هواي وحدي مقسّطاً أقساطا كما أشاء بخيلاً ، على غير عهدي، غير موثرٍ ….
المقهى الأدبي زاكورة.