بقلم المبدعة نسيمة الهادي اللجمي/تونس
في إحدى ليالي الشتاء حلا لي السهر مع أمي حتى فاجأتني الساعة الواحدة بعد منتصف الليل.. ولما هممت بالمغادرة خطر ببالي أنني ربما أستيقظ متأخرة بسبب طول السهر الذي لم أتعود عليه واقترحت على أمي أن آخذ ديكها لكي أستيقظ على آذانه حتى لا أتأخر عن شغلي
أخذ زوجي الديك من بين الدجاجات فذعرت هذه الأخيرة وجعلت تقوق بأعلى صوتها و أحدثت ضجة غريبة أحرجتني كثيرا فلا شك أن الجيران قد فزعوا من هذا الضجيج المفاجئ في آخر الليل وأما الديك فقد أطلق اعقيرته بالصياح دون هوادة و كنا نشق طريقنا بين البيوت والديك يصرخ بأعلى صوته وسط صمت الليل وهدوء الأزقة ..فكنت أرى الأبواب تفتح وكذلك النوافذ و تطل الرؤوس منها وصار حالنا كمثل اللص الذي يفضحه المسروق. .. حز في نفسي أن أزعج الجيران وتوترت جدا… لقد فضحنا الديك أيما فضيحة بصياحه المستمر و طلبت من زوجي أن نعيد الديك لكنه قال : إن المسافة المتبقية أقل من مسافة العودة.
وطمأنني زوجي مرة أخرى أن الديك سيهدأ بعد قليل ويسكت.
وصلنا البيت فأطلقنا سراحه في الحديقة
وما إن وضعت رأسي على المخدة حتى جعل الديك يؤذن بدون انقطاع وحاولت أن أنام لكن صوته كان حادا من شدة التوتر والغضب فأخرج إليه و أجده يقف في نافذة غرفتي ولما أقترب منه يبتعد ويسكت فأعود لغرفتي وما إن أضع رأسي على الوسادة حتى يعود إلى النافذة ويعود إلى الصياح
و حدثتني نفسي بأن هذا الديك ينتقم مني لأني فرقت بينه و بين دجاجاته
كنت في كل مرة أخرج إليه يهرب ويسكت… وتأكدت أن الديك متوتر وغاضب وقد دخل في هستيريا لن يخرج منها إلا إذا عاد إلى دجاجاته ولم أكن بأقل منه توترا وغضبا .
و هكذا انقضى ما تبقى من الليل ما بين كر وفر إلى أن طلع الفجر ولم أكن قد نمت لحظة واحدة …كنت مرهقة وأنا أمسك بالديك وأسرع به نحو منزل أمي أعيده إلى حريمه… وظنت أمّي أن الديك هو الذي أيقظني فجرا بآذانه وفعلا لقد صدق ظن أمي …فالديك قد قام بالمهمة وزيادة