بقلم الكاتبة د. سعاد الفقي بوصرصار/ تونس
لمّا نظرت الى وجهي في المرآة هذا الصباح بعد ليلة أخرى من السهاد والأرق، أخذت قراري .كان وجهي بائسا منطفئا.
حبك دمّرني وناره أتت على شبابي وألقي…زحف الزمان على صفحة وجهي وملأها بالتجاعيد والجفاف وقرّح جفوني فبدت منتفخة.هذا ليس وجهي .لذا قرّرت أن أرحّلك من حياتي ومن مداي .
أنا أنشد حبا يحييني ،يبرز وسامتي ويؤكد أنوثتي …والحب القاتل للجمال مرفوض،الحب المدّمرللذات والكرامة مرفوض مرفوض.
مضى شهر على وعدك لي بالخروج في نزهة…لأول مرة بعد عامين من بداية علاقتنا دعوتني للعشاء في مكان عمومي ،تحت الأضواء.
فرحت كلّ خلية في جسمي واستعّدت للقاء.رتّبت كلّ شيء.تخيرت الملابس التي سأرتدي .تسريحة شعري .عطري انتبهت الى كلّ الجزئيات حتى الصغيرة لم أغفل عن شيء .يجب أن أبدو بالمظهر الذي تريد ويليق بك .
وبدأ الانتظار…
مرّ يوم و يوم …وانقضى الأسبوع الأوّل …والأمل يطفو ويغور…ونفسي توجد لك الأعذار والتعلات، وتبعه الاسبوع الثاني بأيامه ولياليه ساعاته ودقائقه… وأنا انتظر. عيني على الهاتف ، وكلّي آذان…كلّما رنّ تسارعت دقّات قلبي … ثمّ سرعان ما ينطفئ وهج نفسي اذ الطالب غيره ، هي أمّي تسال عن حالي أو أحد أصحابي يطلب خدمة.
وتمرّ الايّام رتيبة ثقيلة ، وحواسّي مشدودة الى هذه المكالمة التي تحدّد مكان اللقاء وزمانه. ولكنّها لا تأتي… وأفكر في الاتّصال بك للاستفسار عن سبب صمتك.؟
وتأبى كرامتي أن تكوّن رقمك و يعبث الوسواس بنفسي واتخيل مكروها حلّ بك وعندها تفنى طاقة احتمالي ومقاومتي. فأضغط على زرّ الاتّصال بعصبية… واصيخ السمع… ماإن يرنّ حتى أقفل زرّ الاغلاق بسرعة. فكانّ لسان حالي يقول:”أين أنت؟ّ” وأتصوّر أنك بمجّرد رؤية رقمي على شاشة هاتفك ستكوّن رقمي لتحاكيني بلهفة… تقول لي كم انت مشتاق اليّ وتلعن الظروف التي شغلتك عنّي… وتقسم انّك لم تنسني وانمّا مشاغلك هي التي حرمتك منّي… وتمهر مخيلتي في نسج الكلام…. وانتظر… ويطول انتظاري. ولكنّ الهاتف يبقى أخرسا. فلا يرنّ ولا يتوهّج نوره… فأعمد اليه من جديد وأكرّر طلبي فيقابلني نفس الصمت والخرس… وتضجّ نفسي ،فأعيد الطلب وأتشجع هذه المرة وابقى في انتظار الاجابة سأكلّمك… ماذا سيجري؟ صحيح إنّك منذ تعارفنا طلبت منّي الاّ أهاتفك تحاشيا لكل المشاكل، وكنت أنت الذي تطلبني دائما. ولكنّك أهملتني لم تطلبني من زمان… وقد نفذ صبري أو كاد… وأرتعش وأنا أقرّب السماعة الى أذني أصيخ الى صوتك الذي لا يأتي… وتصك سمعي تلك الجملة الجاهزة على القرص، تلك الجملة الباردة :”لايمكن الاتصال بمخاطبكم في الوقت الحاضر الرجاء إعادة الاتّصال في وقت لاحق.”
وألاحقه في كثير من الاوقات المختلفة دون جدوى…
وينتهي الاسبوع الثالث ويوشك الرابع على الانتهاء وهو لا يتّصل ولا يعتذر وكأنّه لم يعد يعرفني و لايعرف انّي في انتظاره في لهفة وعذاب وقد انفلتت أعصابي وعجزت مقاومتي فألقيت سلاحي وانهارت كلّ قواي…
هذه ضريبة ان تكون المرأة الثانية في حياة رجل …
كم هو مؤلم أن تطعن في كرامتك كأنثى…والانثى تغفر كلّ شيء الاّ أن يتخلّى عنها الرّجل وهي تريده…
وتتفجّر فيّ قوى الشرّ فأقول :عليّ وعلى أعدائي…