ذ. خديجة ناصر /مكناس المغرب
منذ أن تلقى الذئب على يد الحطاب، يوم ان هاجم بيت جدة ليلى محاولا السطو على كعكة الطفلة الصغيرة ، ضربا مبرحا فلت بجلده منه بمشقة الانفس و غادر القرية التي طالما استمتع بلحم خرفان سكانها، و هو يتيه في اعلى الربوة التي قليلا ما يتخذها الرعاة مرعى لاغنامهم.
فكر الذئب في حيلة تعيده إلى القرية و تبادر لذهنه انه لو توجه لبيت ليلى و قدم اعتذاره لها و لذويها، ربما قد يسمح له بزيارة القرية من حين لآخر.
عند مغيب الشمس، انحدر الذنب من المرتفع و كله امل في نجاح خطته…..مشى مسافة طويلة تحت ضوء القمر….سرعان ما بدت له أضواء ساطعة في الافق القريب. ..لاهثا، تابع السير و قد ساوره شيء من الشك في صحة الطريق الذي سلكه نحو هدفه. …لا ابدا، ذاكرته الحيوانية قوية و لا يمكن أن تخذله. ..وصل إلى ما كان في كنهه بوابة القرية. … وقف مشدوها مما رأى… مباني شاهقة…طرق معبدة مكتظة بعربات تسير بسرعة جنونية. ..أناس في حركة دائمة …شبان و شابات تتعالى قهقهاتهم.
امعن النظر إلى مجموعة من الفتيات لم يتعرف على جنسهن إلا بما برز من اجسادهن …خمن أن ليلى قد تكون بعمر إحداهن و قد تكون بينهن… و هو على ذلك الحال إذ أثارت ابتسامة إحداهن ذكرى مبسم ليلى و ابتسامتها التي ما زالت عالقة بذهنه. إنها لا تلبس معطفا و لا قبعة حمراء ، متكئة على دراجة نارية، بيدها خودة، خصلات شعرها تتطاير كلما مرت بالقرب منها سيارة. ..تشجع و اتجه نحوها و كله خيفة أن تفزع لرؤيته و تفر أو تستنجد بالناس. ..لم يكن شيء من ذالك. ..تمسح بساقها المسجون في سروال ضيق. …التفتت إليه. ..مبتهجة فرحة ، صاحت : مرحبا بصديق الطفولة
رد عليها مطأطئ الرأس : جئت اقدم اعتذاري لك عما صدر مني يومها بمنزل جدتك
قاطعته مبتسمة: لا عليك صديقي….منذ أن عاشرت الذئاب التي تنهش لحمي بمقابل و بغير مقابل، صرت بالنسبة لي حملا وديعا. …