بقلم الناقد والشاعر أ لطفي عبد الواحد
وإذا عظم البلاد بنوها
أنزلتهم منازل الاجلال
وانا اتصفّح كتابا طريفا للعلّامة التونسي حسن حسني عبد الوهّاب رحمه الله بعنوان “شهيرات التونسيات” استوقفني هذا البيت الذي استشهد به في مقدمة الكتاب المذكور أشاد فيه بأبناء البلاد وخاصّة من النخب الذين يعظّمون بلادهم باقوالهم ومآثرهم وأعمالهم فيستحقّون منها كلّ الاجلال جيلا بعد جيل ..
استوقفني هذا البيت لأننا صرنا نلاحظ اليوم وللاسف الشديد أن ّمن بين المنتسبين الى النخب المتعلمة مهما كان مستواهم العلمي والفكري من لا يعظّمون بلادهم لضعف الوازع الوطني والشعور بالانتماء القوي لهذه الارض الطيبة ومثل هذا السلوك لايجعل هؤلاء في تقديري الشخصي أهلا للاعزاز والاجلال ..وهذا البيت الشعري الذي اورده الاستاذ العلّامة حسن حسني عبد الوهّاب الذي يستحق منا كل التقدير والتعظيم هو التالي:
وإذا عظّم البلاد بنوها. أنزلتهم منازل الاجلال
امّا انا فاقول على نفس المنوال والوزن مع تحوير صغير في هؤلاء الذين أشرت اليهم مايلي :
وإذا صغّر البلاد بنوها أنزلتهم منازل الأنذال..
واليوم وانا اتابع خلال هذا الشهر عددا من الاحتفالات بالعيد الوطني للمرأة التونسية وذكرى صدور مجلة الأحوال الشخصية على يد الزعيم المرحوم الحبيب بورقيبة سواء عن قرب او مباشرة استوقفتني انشطة مركز البحوث والدراسات والتوثيق حول المرأة “الكريديف” ومنها النشاط الذي انتظم يوم الجمعة 2020 احتفالا بالذكرى الثلاثين (30)لتأسيس هذا المركز الذي يعد مكسبا لنساء بلادي وكل التونسيين تحت شعار “الكريديف 30 سنة لتحيا حقوق النساء” وخاصة الفقرة التي خصصت خلال الجلسة الافتتاحية يوم الجمعة 07 اوت 2020 للمرحوم العلامة حسن حسني عبد الوهاب الذي إليه ينسب الفضل في اصدار كتاب نادر ورائد في مجال الكتابات التي تعرف بالإعلام من النساء اللواتي كان لهن دور كبير في تاريخ تونس وحضارتها الضاربة في القدم تم اثناءها تقديم الطبعة الجديدة الأنيقة والمتميزة لكتابه” شهيرات التونسيات” الذي تزايد الإقبال على طلبه وقراءته في السنوات الأخيرة وللتذكير فإن هذا الكتاب كان قد طبع طبعات عديدة ونأمل ان يجد القارىء التونسي وغيره الطبعة الأخيرة قريبا في المكتبات ليتسنى له الحصول عليها بسرعة وسهولة. استوقفتني فقرة التقديم كما اسلفت لأن الاقدام على إصدار طبعة جديدة لكتاب العلامة حسن حسني عبد الوهاب واختيار مناسبة الاحتفال بعيد المرأة ومرور ثلاثين سنة على تأسيس مؤسسة الكريديف يعد مبادرة ثمينة تستحق الإعجاب والتقدير وتوجيه التحية للمنظمين لان فيها تكريما آخر للكاتب مابعد موته واعزازا وإجلالا لعالم علامة ظل معتزا بوطنه وشعبه ومعتزا باعلام تونس من الرجال والنساء على السواء ومن بينهم شهيرات التونسيات وقد تحدث عنهن بكل إعجاب وتقدير ولأن فيها توجيها للمزيد من العناية بتاليف الكتب الخاصة بشهيرات تونس اللواتي لم يذكرهن المؤلف في تأليفه وتلك مسؤولية المركز والاجيال الجديدة من الباحثين وهي مبادرة جسدت كذلك وفاء المرأة واعترافها بالفضل لمؤلفين واعلام تونسيين قدموا خدمات جليلة للمرأة وساندوا قضيتها وطالبوا بحقوقها واعلاء شانها في الأسرة والمجتمع ومنهم المفكر والشاعر والمصلح الاجتماعي المرحوم الطاهر الحداد وحسن حسني عبد الوهاب وكيف لا يكون تقديم الطبعة الجديدة لكتاب “شهيرات التونسيات” في ذكرى تأسيس الكريديف اعترافا بالفصل لصاحبه الذي كان ذكر في مقدمة إحدى طبعاته بحاجة انسان الحاضر إلى الاعتراف بفضل السابقين وقد أصبح من السابقين لنا حين استشهد بذلك البيت في معنى الوفاء لاحدالشعراء وهو:
ومن أنكر الفضل للسابقين
فما عرف الفضل في ماعرف..
رحم الله العلامة حسن حسني عبد الوهاب وكل من شرفوا هذا الوطن العظيم بأعمالهم الخالدة واجمل التهاني لمركز البحوث والدراسات والتوثيق حول المرأة بمناسبة احياء الذكرى الثلاثين وأجمل التهاني وارقاها لجميع نساء بلادي العظيمات في كل ربوع تونس وخارجها بمناسبة عيدهن عيد المجتمع التونسي الحر العيد الوطني للمرأة التونسية وصدور مجلة الأحوال الشخصية في وطن يظل حرا مستقلا معتزا بنسائه ورجاله حاضرا ومستقبلا